في مقتبل العمر وتحقيق الأحلام وفي ذروة الشباب والفتوة حينما كانت الأهداف اليومية تتحقق سريعاً لأنك تملك العقل والطاقة والحياة جميعها. منذ حوالي السنتين شخصت وتعافيت من أحد انواع السرطان الشبح المخيف في هذه الحقبة. عندها توالت الاحباطات (الخزعة، الفحوصات ة، المراجعات، العملية الجراحية، حديث المجتمع، التعثر المالي، التأهيل ومن ثم العودة للحياة). الجميل إنني اتمتع بشخصية عملية جداً لان الحياة ستمر سواء كنت سعيداً أو تعيساً فاخترت أن أكون سعيداً على أي حال. عشت اللحظة بمرها ومرها ومرها وحلوها ومن ثم بدأت أخطط للعودةه للحياة حتى وإن بدأ لك بأن مستنقع الطين يجذبك للأسفل كان لابد أن يأتي يسر مع العسر. مااحتفظت به حتى الآن ونقش بقلم الألم في مذكرتي حينما كنت مستلقية على السرير الأبيض لاأستطيع الحراك ولا الأكل ولا الشرب فقط بعقل قلق وقلب منفطر ولله الحمد لم تستمر كثيراً. كل شيء كان له حلاوة ولذة، الجلوس على كرسي، احتساء القهوة وحتى التقلب أثناء النوم. تلك كانت لحظة الألم والإحباط المطلق ولحظة التحول واستخدام بصيرة المطمئن التي دربنا ديننا عليها. وبعدها أصبحت أقدر كل شيء في الحياة حتى الإحباطات. هذه التجربة السيئة كانت في الحقيقة درساً جميلاً رغم قساوته لأن بعده كل شيء هين، ممتع وأحياناً كثيرة مضحك. أصبحت لا أخشى شيئاً لأني اكتسبت الثقة والجرأة والايمان وتسلحت بهم. حينها توالت النجاحات وبشائر الخير والسكينة والقبول والقوة. أنا لا اختلف كثيراً عنك لأننا جميعاً بشر(خلق الإنسان في كبد) جميعنا نمر بتجارب قاسية سوف نمر بها أو قد مررنا بها. قد تتفاوت بالدرجة والنوع ولكن لايوجد اختلاف كبير. هذه المحن تحمل في طياتها أجمل الدروس الشخصية فكر عميقاً بإيمانية وبتأمل وبعدها تولد من شخصيتك سمات جديدة تحضرك لحياة أجمل. لاتقف عند الاحباطات كثيراً انظر لها بعين المفكر والايجابي والمستقل. اقتلع الفرصة من منتصف إعصارك واحكم عليها بعقل متزن. بعد التجربة لم أرد أن أتخذ أقصى الخيارين (أنا مريض أو أنا متشاف) وإنما أنا بشر مررت بإحدى تجارب الحياة وقد تكون قاسية جداً ولكنها اعطتني حسنات كثيرة أحدها أنك تراني مقنعاً أكثر لك لأنني مررت بهذه التجربة، وتعتقد بأني أكثر خبرة ومعرفة منك. لاتميزني كثيراً عنك هذه التجربة لأنني لاأعيش على كوكب مختلف كلنا متشابهون باختلاف درجات الألم، حينما لايتحقق هدفك، عندما تخسر وظيفتك أو يتعسر أمرك أو تبتلى في مالك وعافيتك أو في نفسك، جميعنا نمر بلحظات ألم. لا تدعها تحبطك تقبّل لأنك بشر واستمتع لأنك مؤمن.