يعرف الخطاب الديني بأنه خطاب يبني ولا يهدم فماذا عن الخطاب الديني ودوره في تصحيح المسار ... حول هذا المحور وماذا عن تحديث الخطاب الديني لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام التي يصفها الإعلام الغربي بين الفينة والأخرى. التقينا بعدد من العلماء والمفكرين الذين تحدثوا عن آرائهم حول هذه القضية: في البداية تحدث الشيخ أحمد الكبيسي قائلاً: لا شك ان لهذا الدين في كل عصر وكل جيل خطابا جديدا من حيث إن آياته وأحكامه تخضع لتغيرات الزمان والمكان والعوائد وهذا باب من أبواب أصول الفقه، لا يمكن تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والمصالح والعوائد وكان عليه الصلاة والسلام يفتي بفتوتين مختلفتين في قضية واحدة، إذن فهذا الدين لكونه صالحا لكل زمان ومكان لا يعني ان جزئية الواحدة صالحة لكل ما فيه من بدائل حول القضية الواحدة هي التي تصلح لكل زمان ومكان، إذن فتجديد الخطاب الديني في كل عصر قضية لا يصلح أمر هذا الدين إلا بها ولذلك ان نتمسك بحكم لحل مشكلة قبل ألف عام أو 500 عام نريد أن نعممها على قضايانا اليوم فهذا مضحك جدا لو رأيت السوق وأحكام السوق وجميع الأحكام الإسلامية في المعاملات تدور على زمانهم من حيث كونهم منطقة من أرض خالية واحد يبيع صبرة من طعام والآخر بعيراً والآخر ثوباً مرقوما والآخر يبيع تمراً وصنعوا له حلولا نريد أن نطبق هذه الحلول على اقتصادنا اليوم الذي هو أقوى من القنبلة الذرية هذا قبل. فعلينا أن نجتهد كما اجتهدوا والفقه آراء شخصية في النص وعلينا أن نجتهد كما اجتهدوا وان نجد لأزمات حلولا من خلال هذا النص كما وجدوا هم وقيل لأحدهم لم لا تكتب فتاواك فقال كيف أكتبها وقد أغيرها بعد اسبوع ولهذا تلاميد المذاهب خالفوهم. ويضيف أبو يوسف عندما خالفوا أبو حنيفة هذا لا يعني انهم خالفوهم في القضية الواحدة ولكن تأخروا بعدها بثلاثين وأربعين سنة تغيرات الأحكام والمصالح والعوائد وحينئذ اجتهدوا اجتهادا جديدا وهذا الإمام الشافعي اجتهد في العراق اجتهادا ثم في مصر اجتهد اجتهادا آخر نظرا لاختلاف المصالح، إذن الخطاب الفقهي والخطاب الديني يدور على مصالح الناس ومصالح الناس تتغير من جيل إلى جيل، ان كل اربعين عاماً تتغير أخلاق الأمة ومصالحها وعاداتها وتقاليدها وما ينبغي وما لا ينبغي بكل أربعين ولذلك علينا أن نوجد لكل أربعين عاما خطابا جديدا أو فتوى جديدة. وحول دور العلماء في هذا الشأن أضاف الشيخ الكبيسي: دور العلماء ليس واضحا هناك ويمانع وهناك من يوافق وهناك متعصب وكلها أهواء فالنظرة العلمية تقوم بشيء آخر، النظرة العلمية التي قام عليها هذا الدين كما قلت ان لكل حاجة حلا في هذا الدين ولا يمكن ان تكون هناك حاجة من حوائح المسلمين إلا ولها حل وهذا الحل لا يمكن أن يكون حلا متكررا في كل قرن لكل قرن وكل جيل هناك حل يتأقلم معه. ومن المشاركين في هذا الموضوع برأيه الدكتور المفكر محمد عمارة الذي قال: الخطاب الديني عليه دور كبير في تصحيح مسار الأمة لكنه ليس الوحيد لأن عندنا خطاب سياسي وثقافي وإعلامي عندنا خطاب فكري وفلسفي كل هذه الألوان من الخطابات الفكرية يتوقف عليها اصلاح مسار الأمة أما إذا تحدثنا فقط عن الخطاب الديني فنحن نشهد في كثير من المجالات ان الخطاب الديني يبني وكل الخطابات تهدم إذن لابد من تكامل الخطابات من تربية وتعليم وإعلام وفكر وثقافة والاقتصاد كل هذه لأن عقل الأمة عقل متنوع وبالتالي تبقى المسؤولية مسؤولية الخطاب الديني لكن لمركزية الدين في حياة الأمة فمسؤولية الخطاب الديني مسؤولية كبيرة بين هذه الخطابات. أيضاً شاركنا الشيخ محمد المختار السلامي الذي قال: هذا يعود للجامعة التي هي سبيل للنجاح ويقول الله تعالى: {أدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}. الركن الأول الذي يعتمده الداعية ان يكون حكيماً فإذا قلنا حكيماً فإنه يرتبط أولاً بالمعرفة فلا يتولى الدعوة إلى الله إلا من كان عالما بهذا الدين في أحكامه الجزئية وفي غاياته وأبعاده وفي الأصول التي يقوم عليها وما استطيع أن أقول هي فلسفة الإسلام العامة التي تشمل الانسان علاقته بالله وبالكون وبأخيه الإنسان وبالمؤمن وبأسرته. إذن كما بينا فالحكمة تعتمد المعرفة أولاً ثم بعد المعرفة لابد من الطرق والمناهج التي يقوم الداعية على أسسها فيدعو إلى الله فالحكمة هو أن تجعل غيرك يقبل عليك ولا ينفر منك ولذلك قال صلى الله عليه وسلم «بشروا ولا تنفروا» هذه الحكمة الثانية. ثالثاً: أن يكون زاده المعرفي من القرآن والسنة متوفر حتى يعطي لأقواله سنداً يؤثر به فيمن يستمع إليه. ورابعاً: أن يكون مطلعاً اطلاعا واضحا على السيرة النبوية وعلى سيرة صحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال تعالى: {قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم والآخر}. فبجانب الحكمة هذه تأتي المواعظ الحسنة وهي تقوم على إثارة كوامن النفس فالنفس في فطرتها هي تدرك الحقيقة والنفس في فطرتها تؤمن بالله والنفس في فطرتها فيها كثير من الخير فإذا استطاع الواعظ والداعي أن يثير هذه الكوامن وأن يجعل السامع يتفاعل معه فيما يريد أن يلقيه إليه بل اعتماده على الحكمة التي تحدثنا عليها أرجو رجاء مؤكدا ان يكون ناجحا في عمله الدعوي وان يهدي الله به فإن يهدي الله بك واحداً خير من حمر النعم. حامد حسون أستاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ورئيس هيئة الرقابة الشرعية بعدد من بنوك الخليج يقول: الخطاب الديني يجب أن يتماشى مع عدم قتل الأبرياء وعدم قتل الأنفس بغير حق فقد قال تعالى: {من يقتل مسلماً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها} فإسلامنا واضح. فيجب تصحيح المفاهيم التي وقع فيها خلط متعمد وعدم معرفة هذه المفاهيم هي مفهوم الجهاد في الإسلام ومفهوم الإرهاب فالجهاد له مفهوم أوسع وهو غير القتال فالقتال يعني حماية العرض والدفاع عن النفس وهو مشروع.. وهذه مسألة أقرتها جميع المواثيق الدولية. فالجهاد فقط لمن حمل علينا السلاح حتى من جاء مع الجيش لمساعدة الجيش كالطبيب ومساعدي الجرحى لا نقلتهم إلا إذا حملوا السلاح والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن قتل المرأة والطفل والشيخ ورجل الدين وكان النبي عندما يرسل جيشا يحذرهم من قتل الأطفال والنساء والشيوخ ورجال الدين حتى عدم قطع الأشجار. فديننا واضح والذي يمنع توجه الأعمال الحربية للآمنين وهذا قبل 1400 عام. فالخطاب الديني كما قلت يسير في هذا الاتجاه وعلى جميع المستويات سواء على مستوى البحوث أو الخطب أو الإعلام سواء المرئي أو المسموع إلا من شذ، وكل جمهور المسلمين وجميع الأعراف تعرف هذه الحقيقة وهي ألا تقتل الآمن ولا تعتدوا على من لا يعتدي عليك. فما بالك لمن قتل مسلماً.