رحلة ذهنية ممتعة تابعتُ فصولها وأنا أقرأ مجموعة من المقالات الصحفية كتبها مجموعة من أميز الكتاب والمثقفين من داخل الوطن وخارجه عبرت في مضمونها عن احتفائية خاصة بالأمير الإنسان تركي بن عبدالعزيز، ليس فقط للتعريف برمز كبير وهب فكره، ووقته، وجهده لمساعدة الآخرين على تغيير واقعهم، بل وللتعريف بإنسان يمنح الآخرين فرصة الإسهام في دفع تيار الحياة بتقديم المعروف مهما قل شأنه لأن تأثيره في نظر سموه بمثابة صياغة أخرى لمعنى الحياة. *** الأستاذ عبدالله الجفري رحمه الله، بقلمه الرشيق في سرده المميز عن الأمير تركي بن عبدالعزيز يبادرنا بالكشف عن صفة مهمة في شخصية سموه وهي تواضع الكبار وهو ما يتيح له أن يخاطبه بأخينا "أخونا الأمير تركي منذ كان يشرع بوابة بيته في جدة للناس بلا تفرقة أو هرمية.. كان وما زال الأكثر مبادرة لقضاء حوائج الناس ومد يد العون إليهم ومساعدتهم وتجفيف الدمعة من عيونهم ورسم الابتسامة على شفاههم وخفقت القلوب بلا نفاق.. وصفقت قلوبهم بدلا عن أكفهم بلا مداهنة أو رياء".. وعلى هذا النحو سيكتب الجفري عشرات الصفحات تعكس في فحواها رجلاً في عبارة واحدة وهب نفسه لإسعاد الآخرين. *** الكاتب فهد السلمان ينشئ مداخلة مهمة لحث صاحب القلب الكبير على الإسهام كعادته في إنشاء مركز الكلى بحائل ولا يستغرب أن صوته جاء مجيبا في أقل من 48 ساعة.. (تركي بن عبدالعزيز هذا الرجل الذي بإنسانيته أزال هموم الكثيرين هذا الرجل الذي لا تخطئه ذاكرة كل المخلصين من الخليج إلى المحيط فهو فيها "كدق الوشم على ظاهر اليد").. وهو ذلك الرجل الذي تجسدت فيه أرقى معاني الإنسانية فهي التي قال فيها جبران (الإنسانيّة نهر من النور يجري من الأزل إلى الأبد).. بل هو ذلك الرجل الذي يظل حاضراً حين يكون الحضور مطلباً وهدفاً وغاية. ويتبعه في ذلك مشيداً الكاتب الراحل ابن حائل الاستاذ فهد العريفي لسرعة استجابة سموه.. وفي غمرة تداعيات هذا الحب الجارف يذكرنا الأستاذ عبدالله عمر خياط بواحد من المواقف الإنسانية للأمير تركي (إذ تتجسد كل معاني الوفاء والنبل والكرم تجاه أصدقائه نعم.. عندما طال غياب أحد أصدقائه.. سأل عنه.. وعلم أن عليه ديوناً باهظة لدى أحد البنوك.. فما كان منه إلا أن قام بتسديد أكثر من ثلاثة ملايين ريال وهي جملة مديونية الرجل.. وطلب من البنك أن يقيدها على حسابه وعندما عاد صديقه قال له لقد تذكرتك في غيابك فأردت أن تتذكرنا.. وفاء للصداقة.). *** إن مواقف سموه في تناغمها مع محيطه تنطلق من فكرة عميقة لقيمة الإنسان يعبر عنها سموه قائلا (إن كلمة إنسان تعني الكائن الذي لا ينحصر في محيطه.. بل تمتد اتصالاته وعلاقاته وانفعالاته إلى كل جزء من العالم، وإلا فما معنى حياة إنسان يعيش في برجه العاجي ويكون بعيداً عن مجتمعه) هذه هي رؤيته العميقة عن الحياة وهي ما عبرت عنه الكاتبة المرموقة مرلان فرجيني كبيرة المحررين في مجلة باري ماتش الفرنسية الذائعة الصيت حين قالت عن سموه (تجذبك منه شخصية نفاذة، ودقة في القول المسؤول تحرص على أن تؤدي الكلمة معناها بلا لبس أو تأويل.. يعرف كيف يستوعب مطالب الناس ويوافيهم إلى منعطفات طموحهم وهو ما جعله محبباً إلى قلوب مواطنيه الطيبين العاديين الذين يرون فيه أميراً وإنساناً.. بل إلى قلوب إخوانه العرب وإلى قلوب الذين عرفوه تحت كل سماء). وهذه الناحية في تفسيري هي ما جيَّر له هذه الخاصية المميزة من الجاذبية الشخصية البعيدة عن الصنعة والممتنعة عن التكلف. *** دروس من الأدب الرفيع في البذل الذي يترفع عن الدعاية بالتماس طابع السرية في أكثر أوقاته تكلله دائما مبادرة شخصية سباقة إلى الخيرات عُرف بها تركي بن عبدالعزيز وفي ذلك يقول سموه (إن أكثر ما يؤلمني أن لا تبلغني حاجة من يستحق المساعدة لكي أقدمها له في الوقت المناسب) وذاك الملمح ما تؤكده الكاتبة فرجيني إذ تقول: (الإنسانية في خلقه طبع لا تطبع وأصالة لا تزييف ولا رياء.). *** قصص العطاء مواقف لا تنقضي.. الأستاذ علي محمد حسون في إحدى مقالاته يحيلنا إلى جانب ينضح إشراقا في سيرة هذا الأمير النبيل.. إذ دخل مريض لإجراء عملية قلب مفتوح بإحدى المدن الأوروبية.. وانبرت عدة جمعيات لمساعدته بينها جمعية يهودية.. وتهامس الأطباء فيما بينهم عن "بعزقة" العرب للأموال وإخوانهم يموتون من المرض.. فاقترح الأطباء العرب بعد أن استفزهم الموقف على المريض مخاطبة الأمير تركي فهو لن يتأخر وكان الاتصال بمنزل الأمير تركي بالسعودية وجاء الرد على لسانه شخصيا في الحال معربا عن استعداده عن نقله إلى أي مكان في العالم.. وكانت عبارات الطبيب الذي أجرى العملية أبلغ من كل خطاب وهو يقول: كثير في هذه الأيام لا يستطيع أحد أن يكلمهم ولكن هذا الأمير شخص طيب وحنون ومتواضع إذ إنه كان مشغولا بهذا المريض كأنه ابنه أو أحد أقاربه. *** وتحت عنوان كيف يكون الانتماء كتب الأستاذ إبراهيم سعدة رئيس تحرير أخبار اليوم المصرية عن المشروع الكبير الذي فكر فيه ووضعه قيد التنفيذ، بالفعل الأمير تركي بن عبدالعزيز وهو المؤسسة الكبرى التي تتولى الإنفاق على الشباب العربي المثقف الذي يحلم بمواصلة دراسته العليا في أكبر وأشهر الجامعات في العالم.. وفي ذلك حكايات تطول في فصول البذل. الكاتب والصحفي الكبير مصطفى أمين حينما يتداول مواقف الشهامة لتركي بن عبدالعزيز يسجل مستذكراً: دعوتُ واقترحت فكرة إقامة مركز للطب النفسي وعلاج الإدمان على المخدرات في كلية الطب بجامعة عين شمس واستجاب الأمير تركي بن عبدالعزيز على الفور بتبرعه لهذا المشروع وبعد ساعات قليلة أرسل شيكاً بمئة ألف دولار.. وبعدها.. ومواصلة لأريحيته المعهودة تبرع لوحدة زراعة الكلى بنفس الكلية بمبلغ مئتي ألف دولار وبذلك يكون قد تبرع لليلة القدر في خلال عشرين يوماً بأكثر من نصف مليون جنيه. *** ويضيف الراحل عبدالله الجفري على أجواء هذه الاحتفائية بسموه لقاء نادرا يجلي فيه تركي بن عبدالعزيز عن أفكاره وثقافته المؤسسية وعن رؤيته المستقبلية في صناعة مواطن قادر على وضع بلادنا في صدارة الخارطة الحضارية وعن إسهامه المؤسسي في دعم الطلاب العرب المتفوقين في مجالات العلوم التطبيقية، رحلة فكرية مليئة بالمتعة والفائدة.. وهو ما أكده يوسف دمنهوري رئيس تحرير الندوة الأسبق -رحمه الله- (إني كمواطن كنت معجبا به كأنموذج للمواطن السعودي ونفخر ونعتز به في المحافل الدولية) وفي عرضه لثقافة المجالس يقول عبد الله عمر خياط (لا أكون مبالغا إذا قلت إن مجلس صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالعزيز هو الجمعية العمومية التي تعقد باستمرار لسكان المنطقة الغربية، الجمعية التي يتفرع منها منتدى الأدب والشعر ومجتمع رجال الأعمال والمال، وملتقى أهل الفكر والرأي). *** عشرات الكتاب وأضعاف ذلك من المقالات واللقاءات التي تنسجم عطاءً ونبلاً وأفكاراً مع شخصية الأمير تركي بن عبدالعزيز وهو يلبي النداء تلو الآخر ويتابع الحالات الى منتهاها كي يطمئن تماما أنها وجدت كل عناية ومتابعة.. وحينما يتداخل القراء بالتعليقات تكتشف درجة الانبهار العالية بسموه، بل وتتفاجأ أن لكل واحد منهم قصة تستحق التسجيل تخصه بالأمير تركي حفظه الله وسدد خطاه.. *** إن الاستعدادات العميقة لإحياء فضيلة التقرب من ذوي الحاجات التي تميز الأمير تركي بن عبدالعزيز في توفير صدق التداخل مع الآخرين أتاحت للناس ذلك الإحساس المألوف للانجذاب نحو رجل جعل التواضع الفكرة الأنقى بين معارفه، وجعل التواصل مع الآخرين مرتكز انتمائه للبيئة الإنسانية.. وكُلُّ امرِىءٍ يُولي الجَمِيلَ مُحببٌ وكُل مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيبُ