من أول خطة تنموية خمسية للمملكة عام 1970 والمملكة تضع هدفاً أساسياً بتنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط، وصرفت الدولة منذ تلك الفترة حتى يومنا هذا مايقارب 5 تريليون ريال للمشاريع التنموية وبشكل خاص للتنمية البشرية لتحقيق هذا الهدف مع معدلات نمو عالية للناتج المحلي الأجمالي تصنفت بها أنها من أفضل دول العشرين مؤخراً، ولكن لايزال الهدف الأساس لم يتحقق بعدم الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل والذي يمثل مانسبته ربما تتجاوز 90% من المصادر الأخرى. هذه النتيجة مؤكدا تطرح لغزا لدى صانعي القرار والمواطنين كذلك المتابعين والمنظمات الدولية التي تهتم بذلك. وما سأطرحه هنا كأدوات أو أسباب للوصول لهذا الهدف ليست نظريات اقتصادية أو تنموية أو إدارية بقدر ماهي تشخيص حالة وتقديم حلول مختلفة مصادر نظرياتها العملية بطريقة شبه شاملة ومتكاملة بتلخيص شديد حيث كل أداة ولأهميتها تستحق بحثا كاملا لوحدها وهي كالتالي: أولا: الاهتمام بتوفير البيانات والاحصائيات بشكل دقيق وصادق بتفاصيله الدقيقة وبشكل دوري ومحدث ومعلن من كل قطاع ( كمثال فقط " تفصيل أدق لأكواد البنود الجمركية ")، وكما أشار لذلك عدة منظمات دولية أهمها صندوق النقد الدولي ومراكز الأبحاث والدراسات الدولية في عدة مناسبات كذلك الباحثون الأكاديميون، حيث القرار الصائب خلفه بيانات دقيقة وحديثة. وأشير هنا للجهد الطيب للهيئة العامة للاستثمار الأخير بتنفيذ تقارير إحصائية لكل منطقة. ثانيآ: إعادة هيكلة المناهج التعليمية وتطوير تخصصات الجامعات نحو برامج منتجة وزرع ثقافة ريادة الأعمال من المراحل المتوسطة للتعليم ودعم المشاريع الريادية والصغيرة والمتوسطة من خلال صندوق مستقل مشرعا ومنظما ومركزا للأبحاث وممولا ومستشارا قبل وبعد التنفيذ بشكل مشاريع رأس مال جرئي بدون ضمان للقرض وبشكل شريك ممول، حيث ان تشكيل هيئة فقط ليس مثاليا بشكل كافٍ. ثالثآ: لدينا قوة في صياغة الاستراتيجيات، وضعف في التنفيذ والمتابعة والتقييم أثناء التنفيذ للتأكد أو معالجة الانحرافات بوقتها.بسبب الضعف الشديد لثقافة إدارة وتقنية المشاريع المؤسسية ومكاتب إدارة المشاريع كأداة لمايسمى باقتصادات التكرار، والتي سبق وطبقتها الهيئة الملكية للجبيل وينبع من خلال متابعتي لها، وهي سبب مباشر بالمناسبة لمعظم المشاريع التنموية، وهناك بيوت خبرة دولية متخصصة بهذا المجال يمكن الاستعانة بها مع خطة تدريب للموظفين السعوديين. رابعا: إلزام الشركات المستثمرة بالموارد الطبيعية والمنتجة لخاماتها بإصدار قوائم للفرص الاستثمارية بشكل دوري والتي تعتمد على منتجاتها بهدف تأسيس صناعة تكاملية كماهي تجربة الجبيل وينبع للدخول بقوة نحو الصناعات التحويلية وأهمها الثروات التعدينية كالفوسفات والفلسبار والسيلكيا ونحوهما كذلك سياسة تسهيل نقل تصنيع قطع غيار السيارات والمعدات الصناعية المستوردة التي تعتمد على هذه الموارد والاختيار الدقيق للشريك التقني الأجنبي المشروط بنقل وتوطين التقنية وتدريب السعوديين والمسؤولية الاجتماعية كتجربة أرامكو بذلك. خامسا: سرعة البت بمشاريع الطاقة البديلة وأهمها الطاقة الشمسية وطاقة الحركة التي تقلل من اعتماد النفط كمنتج للطاقة خصوصا في مجالات مثل تحلية المياه التي تستهلك الجزء الأكبر، ومستبشرين خيرا بتأسيس الشركة السعودية للاستثمارات الصناعية لقيادة هذا النوع من الاستثمار. سادسا: سرعة تنفيذ مناطق التجارة الحرة والنقل والتخزين وموانئ التجارة الحرة بجميع خدماتها اللوجستية الأخرى لدعم قطاع الخدمات حيث يمثل إعادة التصدير مثلا أداة مهمة لحالة ارتفاع العملة وأثرها للواردات والميزان التجاري، كذلك نتائج المبادرات السبع للأمن الغذائي، ومستبشرين خيرا بالمدن الاقتصادية. سابعا: صياغة جديدة لرؤية السياحة لخلق منتجات وخدمات عملية متكاملة لقطاع السياحة الدينية التي تعتبر ميزة مطلقة للمملكة والتوسع بذلك بدلا من التنظير والتشتت لسياحة أخرى لاتتوفر فيها المقومات الرئيسية. ثامنا: وأخيرا وأسرع طريقة لتنفيذ أعلاه، إنشاء هيئة منبثقة من وزارة الاقتصاد والتخطيط أو وزارة المالية بصلاحيات شبه مطلقة لتقود هذه المهام والأدوات حيث التخصص وتقسيم العمل بشرط أن يقودها فريق عمل مؤهل مهنيا والتنفيذ لقيادة جميع القطاعات. ومن الأهمية بمكان أن أشير إلى أن نتائج تنفيذ هذه الأدوات ليس فقط على تنويع مصادر الدخل بل تتعدى ذلك بكثير نحو القضاء على جزء كبير من البطالة وتحسن مستوى المعيشة والدخل والادخار ونحوهما كمكونات لدائرة الانتاج الاقتصادية.