لا يكاد يخفى على أي متابع للنشاط الرياضي وبمختلف الرياضات مقدار التنافس الكبير الذي يحدث بين الفرق للفوز بالبطولة أو تحقيق الميداليات والالقاب والجوائز، فطبيعة الرياضة تحتم ذلك فهي قائمة في جوهرها على تحقيق أفضل أداء داخل الملعب وأثناء المنافسات أو البطولات الرياضية من أجل الفوز باللقب أو الكأس وهدفها التقريب بين الناس ونشر ثقافة الروح الرياضية والتنافس الايجابي بين الفرق والتسامح وأنه لا بد من فائز وخاسر في المنافسات الرياضية بشتى أنواعها وبمختلف صورها، ولعل ما نعاصره من تقدم هائل في مجال وسائل الاعلام الجديد والتواصل الاجتماعي كان له الدور الكبير في انتشار بل واستفحال ظاهرة التعصب الرياضي بصورة كبيرة جداً، فهناك فرق كبير بين أن اشجع النادي الذي نحبه ونتمنى له الفوز وما بين أن نكره الأندية الأخرى المنافسة لفريقي المفضل بدرجة أكبر بل تصل لمرحلة تفوق محبتي لفريقي، فالتعصب في مفهومه يعني أن تكره الفريق الآخر أكثر مما تحب ناديك المفضل وهذا ما يجعل الفرد المتعصب لفريق معين لايرى سوى الكره لأي فريق قد ينافس أو يفوز على فريقه، وما يميز الانشطة الرياضية بصورة عامة هو شعبيتها الجماهيرية وبالاخص كرة القدم، فكرة القدم تستهوي الشباب بصورة كبيرة اضافة الى شرائح الجماهير الأخرى من مختلف الاعمار والاجناس، وهذا ما حدا بالبعض للأسف ممن يثيرون روح التعصب الرياضي من نشر تلك الثقافة وتصيد الاخطاء بل والبحث عنها لاجل أهداف واضحة يسعى من خلالها الى التقليل من إنجازات الفرق الاخرى مهما كانت كبيرة فقط لانه يكره تلك الفرق أن تكون بأفضل حال من فريقه المفضل ولو كان زوراً وتحريفاً للحقائق. وعلى الرغم من تواجد العديد من الاشخاص في الساحة الرياضية الذين لا يملكون لنشر او تسويق مادتهم الا عن طريق اللعب على إثارة التعصب بين الجماهير، الا أن تلك الساحة ما زالت في توسع وإزدياد إذ انضم لها مؤخراً بعض من مفسري الاحلام ومعبري الرؤى عبر خوضهم في مجال التحليل الرياضي وتوقع الفريق الفائز وعدد الاهداف ومن سيسجلها وما الى ذلك من أمور أقل ما يقال عنها إنها مجرد خداع ولعب على عواطف الجماهير وترسيخ التعصب للاندية على حساب الروح الرياضية، ولعل الدافع لذلك هو البحث عن الشهرة والظهور واشهار أنفسهم نظرا لشعبية الرياضة وشريحتها الواسعة بين الشباب. أصبح بعض ممن يدعى تفسير الاحلام يدلي بدلوه في التحليل والتفسير لنتائج المباريات عبر بيع الاوهام أو التوقع أو التمني والتفسير الغير منطقي والاستخفاف بعقول بعض الجماهير عبر نشره لتلك الافكار حسب ميوله في وسائل التواصل الاجتماعي فهذه تعتبر من أسهل الطرق والوسائل لتحقيق الظهور ولو لفترة وجيزة على حساب المصداقية والروح الرياضية ، ولعل ما صدر من قرارات من وزارة الثقافة والاعلام مؤخراً بإيقاف جميع برامج تفسير الاحلام كان له الدور الفعال لتخفيف حدة هذه الظاهرة التي بدأت بالانتشار. لذا يتوجب على الجميع التنبيه من هذه الظاهرة القائمة على بيع الوهم ونشر فكر التعصب الرياضي عبر نقلها للتنافس الرياضي من داخل الملعب الى خارجه، فالرياضة نشاط بدني داخل الملعب مبني على التنافس وجودة الاداء بين الفرق وليس قائما على الاستغراق في النوم ومن ثم البحث عمن يبيع الوهم. * كاتب وأكاديمي