لم يعد للحياة ربيع لم يعد الزهر متفتحاً والفرح لديّ مقيّد، فعذابي لفراق أمي كالسجن المؤبّد، فالعذاب سجاني وهو متمرد، جرّعني الويلات والحسرات والعبرات وهدّد. ففراق أمي لقلبي سهم مسدّد وفرحي بعدها مبدّد. فالوله والحنين عندي مخلّد، فحنيني كحنين جمل ٍلمترعه الذي عنه طرد، فأصبح يذرف الدموع دماءً، فالعذاب به اشتد، فحالي كحال هذا الجمل وأشد. أنا مؤمن ولكن لي قلب رقيق وأحاسيس تجعل القاسي يتنهّد. خيال أمي أمام ناظري يتردّد، فأنا في أسر الحمان من نبع الحنان مقيّد، لن أجعلك يا أمي في طي النسيان فذكراك في عقلي إلى الأبد ممتد. حياتي بعدك كحياة السجن فكيف أسعد؟! فالذكريات قد غرست مخالبها في قلبي وعقلي كالأسد. ينتابني النعاس وإلى النوم أخلد فيتمطى الليل والحزن لا يهجد، والأرق يبعث في نفسي آهات لا تنفد، وحينما أصبح ظننت أنني سأتخلص من القيد ولكن علّة الهجر نار في القلب تتوقّد. أيتها الأحزان ارحمي قلبي كما ترحم الأم الولد، ارحمي قلباً يئن لربيع ذكرياتي مع أمي ويتوجّد، آهٍ وألف آهٍ وأزيد لمن كانت لي بلسماً لجرحي وكانت العضد. ما عادت تطربني الحياة لما انطفأت شمعة حياتي (أمي) التي كانت تضيء دروب أيامي وتمهّد. وها أنا أصارع الأحزان ولكن الأحزان صرعتني بسيف مهنّد، وركبت لجّة الآلام أنزل وأصعد تتقاذفني أمواج عاتية وتهدّد. دقت طبول الأحزان في لحظاتي فالألم رقص فهل يغمض لي جفن بعد اليوم وأرقد؟!هل أهنأ بعد رحيل غاليتي وأسعد؟! فهل أستطيع أن أتخطى عتبات الحزن؟! وأن ألغي الحب الخالد ولكن هناك حب أخلد لمن لا يموت ولا يفنى إلهي المتفرد الأوحد ورسوله محمد. آه قد نقشت على جدار الزمان حكاية عنوانها :(أنا المتيم أنا المعذب)! ست سنوات من الفقد لأمي، فيارب ارحم روحاً أضناها الوجد والحزن والهجران وقلباً مثخناً بالأشجان من فقد أغلى إنسان.