نحتفل في مملكة البحرين هذا اليوم السادس عشر من ديسمبر باليوم الوطني البحريني. وهذه مناسبة عزيزة على الجميع فهي المناسبة الوطنية الأهم التي تهفو إليها القلوب كل عام. إنني أغتنم هذه الفرصة لأرفع أسمى التهاني وأطيب الأماني إلى مقام سيدي صاحب الجلالة الملك المفدى -حفظه الله ورعاه-، وإلى سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، وإلى سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-. كما أتقدم بأطيب التهاني إلى الشعب البحريني الكريم متمنيا للجميع الخير والتوفيق وللبحرين العزيزة دوام الأمن والأمان والتقدم في ظل القيادة الحكيمة لجلالة الملك المفدى -أيده الله-. وفي العادة تعتبر الأيام والأعياد الوطنية لكل دولة محطات يتوقف عندها المختصون بالتعليق والتحليل لرؤية ما تحقق ومعرفة المتطلبات والآمال والطموحات. إن المرحلة التي قطعناها من المسيرة الطويلة مهمة وممتدة زماناً ومكانا، وهي ما نقيس به الإنجاز وما نعول عليه في إدراك حجم العمل المتوقع في مرحلة قادمة. ولله الحمد فإن حجم ما أنجزناه في مملكة البحرين خلال السنوات الماضية مشرف وجدير بالاحترام بكل المقاييس وعلى المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل خاص، وهذا بعض ثمار المشروع الإصلاحي الرائد لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة -حفظه الله ورعاه- الذي يتابع تنفيذه منذ أن تولى جلالته مسؤولياته الدستورية عام 1999م. سياسياً نستطيع أن نفخر بما تحقق من نتائج إيجابية لترسيخ نهج الشورى والديمقراطية في البلاد وتعزيز المؤسسات الدستورية والتكامل والتعاون بين السلطات الثلاث واحترام استقلالية كل منها؛ وقد أعطت نتائج الانتخابات التشريعية والبلدية في الشهر الماضي مؤشراً واضحاً على حجم الثقة التي يوليها الشعب البحريني الوفي لقيادته ومدى تمسكه بالنهج الديمقراطي التشاوري ووعيه أهمية الأمن والاستقرار في البلاد باعتباره الحصن الحصين لكل عمليات التنمية الشاملة والمستدامة، وذلك للوصول إلى أهدافنا الوطنية من خلال دولة المؤسسات والقانون، ولعل التعديلات الدستورية العديدة التي تمت على الدستور البحريني خلال العامين الماضيين خير دليل على جدية الدولة في التعاطي مع هذا الملف المهم من أجل توسيع مدى الحريات العامة وكفالة حقوق الإنسان وضمان حرية التعبير والرأي والإعلام المسؤول، وقد كان التوجه إلى تعزيز الرقابة والمساءلة والشفافية في مؤسسات الدولة فاعلا وملحوظا بالتوجيهات الملكية السامية والأوامر والمراسيم والقوانين الصادرة في هذا الخصوص، ثم بتحويل ذلك كله إلى واقع عملي على الأرض. أما على مستوى السياسة الخارجية لمملكة البحرين فهي سياسة واضحة وثابتة وترتكز إلى مبادئ عامة من الاحترام المتبادل والتفاهم والتعاون والتنسيق والمصالح المشتركة سواء على المستوى الخليجي أو العربي أو الدولي. وتعتبر العلاقات البحرينية - السعودية نموذجاً يقتدى به في هذا المجال نظراً لما ارتقت إليه علاقات بلدينا الشقيقين من متانة وقوة على المستويات كافة، وقد وصفها سيدي صاحب الجلالة الملك المفدى في أحدث تصريحاته السامية بأنها "متينة واستراتيجية".. وهي كذلك بفضل الله تعالى وللرعاية التي توليها لها القيادة الحكيمة في البلدين ممثلة بسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسيدي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين -حفظهما الله ورعاهما-، وهذا ما تترجمه حكومتا البلدين إلى تعاون وتنسيق وتكامل ومشاريع مشتركة بما يخدم البلدين وشعبيهما الشقيقين. واقتصادياً اتجهت البلاد إلى تعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل وزيادة فرص الاستثمار الخليجي والعربي والأجنبي في البحرين ودعم الصناعة والتجارة وتحسين جودة الإنتاج لما يحقق قدرة تنافسية أعلى وأفضل. واجتماعياً عملت الدولة البحرينية على توثيق عرى النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية وتعزيز الروابط الاجتماعية وزيادة فرص العمل وتطوير الرعاية الاجتماعية للفئات ذات الصلة، وتحسين مستوى المعيشة وزيادة الدخل الفردي وتوفير المسكن الملائم للمواطنين خاصة محدودي الدخل. وبالطبع يقترن ذلك كله بتطوير مستوى التعليم العام والجامعي وزيادة عدد الجامعات وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار الأمثل في التعليم، مع التأكيد على تحقيق التوازن بين الكم والنوع في هذا المجال؛ وكذلك تطوير الخدمات الصحية والطبية وزيادة عدد المستشفيات والمراكز الصحية وتوسيع نطاق التأمين الصحي ليشمل الجميع. كما عملت الحكومة على حفظ الأمن وتعزيز الاستقرار وحماية مصالح المواطنين وأرواحهم وممتلكاتهم في مواجهة بعض الجماعات الإرهابية الممولة والموجهة من الخارج، والتي نجحت البحرين في كسر شوكتها وإفشال مخططاتها الإجرامية بفضل الله وحكمة القيادة ويقظة الأجهزة الأمنية ووعي المواطنين وولائهم. إن هذه الأمثلة الموجزة تعطينا صورة عامة عن بعض المنجزات والمكاسب ويمكن لمن يرغب العودة إلى الأرقام والإحصاءات التفصيلية التي تقدمها الجهات الرسمية على موقع الحكومة الإلكتروني. ويبقى الدعاء والأمل دائماً أن يحقق الشعب البحريني الكريم كل ما يصبو إليه من رفعة وتقدم وتطور، وهذه إحدى سنن الحياة في كل زمان ومكان. نسأل الله جلَّ وعلا السداد والتوفيق. * سفير مملكة البحرين