هل حان الوقت لتقليص الانكشاف على أسواق الأسهم الخليجية وزيادة الاستثمارات في قطاعات أخرى؟ كانت الأسهم العامة في دول الخليج الأفضل أداءً على أساس سنوي هذا العام، إذ حقق سوق دبي عوائد بنسبة 25% منذ يناير الماضي، ولحقه سوق قطر بمستوى مماثل من العوائد، وارتفع سوق البحرين بنسبة 10% منذ بداية السنة. جاءت معظم هذه الأرباح خلال النصف الأول من العام، بين شهري يناير ويونيو، حين تحفّزت ثقة المستثمرين مع إعلان فوز دبي باستضافة "اكسبو 2020" وأيضاً مع رفع تصنيف سوقي دبيوقطر من أسواق حدودية إلى أسواق ناشئة. خلال الأعوام الماضية، اعتمدت اقتصاديات المنقطة على عاملين للنمو، أولهما التدفقات القوية للاستثمارات التي دفعها عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وثانياً أسعار النفط المرتفعة. هذه الأسعار بدأت تنحدر منذ شهر يونيو، وإن طالت فترتها، ستضغط الأسعار المنخفضة على ميزانيات المنطقة، وأيضاً على الاستثمارات، ورواتب الموظفين الحكوميين، وبالتالي على الاستهلاك. بدأ المستثمرون يخفضون انكشافهم على القطاعات التي قد تتأثر بانخفاض أسعار النفط، وهو ما أثر على الأسواق الخليجية التي بدأت تنخفض في الأشهر الستة الماضية، وانعكس بانخفاض سوق دبي بنسبة 13%، وبحوالي 8% لكل من سوق الكويت وسوق السعودية، وبنسبة تتراوح بين 1% و2% لسوقي قطروالبحرين. يظهر ذلك أن أسواق دول الخليج غير منفصلة عن أسعار النفط. من جهة أخرى، استفادت اقتصاديات أخرى من انخفاض الأسعار، منها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، حيث كان انخفاض أسعار النفط إيجابياً للشركات المصنعة. وشهدت أسواق الأسهم في هذه الدول ارتفاعاً في أداء أسهمها منذ يونيو. علاوة عن ذلك، مع زيادة الثقة في الحكومة الهندية الجديدة والإصلاحات التي بدأت بتطبيقها، انتهزت الحكومة الهندية انخفاض الأسعار لتقليص الدعم الحكومي على الوقود. في الصين، اعتمد سوق الأسهم على برنامج التحفيز الحكومي والإصلاحات على القطاع المالي، لكن أسعار النفط المنخفضة أثرت إيجابياً على توقعات نتائج الشركات الصينية. لذا كلما طالت أسعار النفط المنخفضة، كلما حققت الأسواق الآسيوية أداءً أفضل. استقر الاقتصاد العالمي في الآونة الأخيرة، ويدفع الأسواق اليوم عاملان رئيسيان، أولهما انخفاض أسعار النفط بثلث مستواها، وهو ما فاد الدول المستوردة للطاقة والشركات غير النفطية، ولكنه أضرّ بالدول المصدرة والشركات العاملة في هذا القطاع. في حال استمرت الأسعار عند مستواياتها المنخفضة، قد يحين الوقت لتخفيض الانكشاف على الدول الخليجية. أما العامل الثاني فهو ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي بنسبة 10% هذا العام، والتي جاءت نتيجة لانتهاء برنامج التيسير الكمي للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إضافة إلى السياسات التوسعية التي أقرها البنك المركزي الأوروبي والبنك الياباني. ويؤثر ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي سلبياً على معظم العملات ذات التعويم الحر. أما العملات المربوطة بالدولار الأمريكي، فلن تعاني من التأثيرات ذاتها، وتقع دول الخليج والصين وسنغافورة وهونج كونج في هذه القائمة. تتمتع بعض أسواق الأسهم من الحالتين، وسيتوجب على المستثمرين الاختيار بحكمة. *اقتصادي في شركة آسيا للاستثمار