هل اليمن متورط بجماعة الحوثي، أم الجماعة متورطة باليمن؟ تساؤل يقسم اليمن إلى ملل ومذاهب وقبائل، ولكنه للأسف واقع صنعه اليمنيون واحترقوا بنيرانه، فاليمن عجز أن يتوصل لصيغة وطنية تجمع القوى السياسية بداخلها وتوحد قرارهم لنقل اليمن من مرحلة مضطربة إلى مرحلة مستقرة.. فاليمني العاجز واليائس لا ينظر إلى مستقبل يكون فيه اليمن بلد قانون ومؤسسات بل بلد تحركه سياسة الطوارئ التي جعلت طموح المواطن يتجه حول صيغة تحالفه مع مواطن يمني آخر، فالتحالف معاهدة تجمع الأضداد والأعداء والأصدقاء، ولكنها لا تصلح أن تكون صيغة تجمع أبناء الوطن الواحد. فعندما يكون التحالف بديلاً عن الهوية الوطنية لن يكون هناك وطن لكل أهله بل انتماءات ضيقة تفوق قوتها الانتماء للوطن. فتحالف الحوثي مع بعض القبائل والقوى السياسية حالة تنبئ عن تصدع الوطن وانقسامه بشكل نهائي إلى مذاهب وتحالفات قبلية تجد قوتها بغياب قوة الدولة.. فحل أوضاع اليمن لن يأتي من داخل الغرف السياسية التي تصدر بيانات لا يثق بها حتى من كتبها، يأتي الحل فقط من القوة العسكرية القادرة على ضبط الوضع بقوة السلاح وليس بالخطب السياسية، فالسياسة في اليمن اليوم ليست مريضة يرجى شفاؤها بل لا حياة فيها، من هذه القناعة الصادمة تتجه الأنظار للجيش اليمني وقدرته على تحريك دباباته في المدن والشوارع لمنع سياسة القتل المنهجي الذي تقوم به جماعة الحوثي والقاعدة وغيرهما من قطاع الطرق السياسية.. فالجيش المحايد في أزمة كبيرة تضرب البلد إذ يعد بذلك جيشاً ليس وطنياً وحنث في قسمه. دول الخليج معنية بشكل مباشر بالأوضاع اليمنية ولا طريق آمناً أمامها لإنقاذ الشعب اليمني من الدم والنار، إلا بدعم الجيش الوطني اليمني وهذا يتطلب وجود قادة عسكريين يمنيين يتصدون لهذه المهمة التاريخية، قادة يستطيعون أن يحركوا المشاعر الوطنية عند القبائل وإبعادهم عن صيغ التحالفات والمصالح القبلية والمذهبية. السياسة في اليمن سقطت سقوطاً مدوياً وتبعها تداعي الأوضاع بكل مستوياتها الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وغابت الثقة في السياسة والأحزاب والثورة، فوقوف الجيش خلف السياسة سيجعله جزءاً من السقوط الذي سيضيع معه اليمن ولن يعود بلداً وشعباً وقانوناً، بل قبائل ومذاهب تتحالف مرة وتتنازع مرات.. المؤسسة العسكرية اليمنية مطلوب منها أن تتقدم برؤية وسلاح وقادة لهم تاريخهم الوطني والعسكري، قادة حيادهم السياسي معروف وانحيازهم الوطني كذلك معروف.. الحل العسكري في اليمن رشحته اليوم طموحات الحوثيين التي تسعي في إدخال المليشيات الحوثية المسلحة في الجيش، وإن حدث ذلك سقطت آخر فرصة ممكن أن تحمي الدولة من الضياع، العودة لقوة سلاح الجيش الوطني بداية مرحلة صعبة ولكنها ضرورية لحماية اليمني من اليمني وليس لنصرة اليمني على اليمني. لمراسلة الكاتب: [email protected]