أحد رجال الأعمال المستثمرين في السوق العقاري تحول من التجارة إلى العقار، وهو يعمل في مشاريع عقارية تجارية وترفيهية ومجمعات سكنية «كامباوند»، وجميع استثماراته بنظام الاستئجار أو المشاركة في الاستثمار مع أصحاب الأراضي سواء حكومية أو خاصة. سألته لماذا لا تستثمر في المشاريع السكنية متكاملة الخدمات فقال باختصار لا يمكن العمل بهذا السوق والسبب هو غلاء أسعار الأراضي التي ستنعكس على الاستثمار وستكون بأسعار تتجاوز قدرة معظم المواطنين الشرائية. هذا المستثمر عينة من المستثمرين الجادين الراغبين في العمل والإنجاز لكن العقبات والمخاطر كثيرة، وهنا مشكلة سوقنا أنه لا يشجع على الاستثمار لعدة أسباب أولها عدم وفرة الأراضي القابلة للتطوير بسبب الاحتكار، وارتفاع أسعار الأراضي الخام والتي يتمسك أصحابها بها وطلب أرقام فلكية لمواقع تفتقد للخدمات، والمشكلة الأخرى هي في الحصول على التراخيص والشروط المجحفة عند بعض القطاعات الحكومية ومشاكل وصول الخدمات مثل الكهرباء والمياه. إذا السوق العقاري مستمر في عدم الاستقرار مع تباطؤ نمو عمل القطاع الخاص الذي يفترض أن ينجز 70 بالمئة من احتياج السوق من الوحدات السكنية التي تحتاجها البلاد والدولة ستتولى الباقي لمشاريع الإسكان التي تنفذها وزارة الإسكان. القطاع الخاص يحتاج إلى تشجيع ومبادرة وتسهيلات تمكنه من الإنجاز، وهذا هو دور القطاعات الحكومية التي يجب أن تعمل معه بنظام الشراكة والتعاون والتشجيع خصوصا أن لدينا شركات محلية ودولية جادة ترغب الاستثمار في هذا القطاع الحيوي والمربح لكن العقبات والبيروقراطية هي من يعطل عمله. الاستثمار في الإسكان بمثابة منجم ذهب إذا تم تنفيذه بمهنية وصدق ووجد الدعم والمساندة لكن عزوف القطاعات الحكومية وشبه الحكومية عن الاستثمار في هذا القطاع رغم وفرة السيولة والقدرة على الحصول على تسهيلات حكومية مثل مصلحة معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية والأوقاف وصندوق الاستثمارات العامة التي يتوفر لديها مئات المليارات من الأموال وملايين الأمتار من الأراضي ولم تحرك ساكنا وركزت على سوق الأسهم والاستثمار في العقار التجاري أو أحجمت عنها جميعا. لذا لا يجب أن نلوم القطاع الخاص ورجال الأعمال والمستثمرين والمطورين العقاريين الجادين حين يعزفون عن الاستثمار بسبب المجازفة الكبيرة في دخول هذا المجال، وهناك قصص لشركات حاولت أن تعمل وتنفذ مشاريع سكنية كبرى ومتكاملة الخدمات وواجهت أنواع البيروقراطية والتعقيد من أطراف متعددة وفي النهاية تحولوا إلى تجارة الأراضي أو تزويدها بالخدمات وبيعها كقطع سكنية. القطاع الوحيد الذي ينجز هو البناء الفردي أو المشاريع الصغيرة ولكنها غير كافية وطرق تنفيذها فيها الكثير من الخلل والعشوائية وسوء التنفيذ في بعض الأحيان.. البيروقراطية والفردية كلفتنا كثيراً ولو كان هناك عمل احترافي لما تجاوزتنا دول مجاورة وصغيرة لا تملك عُشر ما لدينا من موارد بشرية وعقول وإمكانات مادية.