أختتمت مساء أمس (الأربعاء) جلسات المنتدى العالمي لإدارة الأزمات والذي يقام تحت شعار "إعادة التفكير في التعامل مع المستقبل" برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة مكةالمكرمة. حيث تطرق المحامي محمد بن أحمد الضبعان خلال جلسات اليوم الثالث للمنتدى "النواحي القانونية والتشريعية للأزمات" مؤكداً بأن المجتمع بحاجة اليوم إلى ثقافة قانونية من خلال تعريف أفراد المجتمع بحقوقه وواجباته، مشيراً إلى أن هذا يترتب عليه فوائد جمة يأتي في طليعتها خلق ثقافة وطنية كلية يعي فيها المواطن حقوقه وواجباته، وهو مطلب يُنادى به للإيمان العميق بأهميته في تعميق فكرة المواطنة الصالحة، مؤكداً بأنه يجب على وسائل الإعلام المختلفة التركيز على مثل هذه الأمور. فيما تناول الدكتور خالد بن سليمان الغثبر الاستاذ المشارك في أمن المعلومات بجامعة الملك سعود ومؤسس ومدير مركز التميز لأمن المعلومات في الجلسة الثانية موضوع "اختراق المواقع الإلكترونية حال الأزمات.. تشخيص وحلول" تطرق إلى أنواع الهجمات على المواقع الالكترونية واستعرض بعض الأمثلة في الاختراق والحرب الرقمية التي أصبحت أكثر وضوحا وتركيزاً خلال الأزمات كما تناول حلول تجنب مثل هذه الهجمات، واستعرض حالة الأمن في المواقع السعودية ودرس المواقع الإلكترونية السعودية ضمن أرشيف موقع زون اتش في الأعوام الفائتة. وتناول كيفية استغلال المواقع الالكترونية حال الأزمات. وأكد د. الغثبر بأن المواقع الالكترونية ناقل جيد للمعلومات في جميع الأوقات وخاصة في وقت الأزمات, لكن للأسف أصبحت المواقع الالكترونية هدفا للمهاجمين ولا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل لاحتمال تعرضها للهجوم الذي يؤدي إلي تعطيل المواقع الالكترونية، مشيراً إلى أنه ظهرت الحاجة الماسة لجعل امن المعلومات من أهم الأولويات عند بناء أو تطوير المواقع الالكترونية. أما الجلسة الثالثة فاستعرضت و"دور الدراسات في تدارك الأزمات والكوارث" تحدث خلالها الدكتورة فتحية بنت حسين القرشي الأستاذ المساعد بقسم علم الاجتماع بجامعة الملك عبدالعزيز تناولت فيها الأبعاد المتعلقة بمفهوم الكوارث، وتوضيح دور الدراسات في مواجهة الكوارث، والعقبات التي تعترض الاستفادة من نتائج الدراسات في توقع الكوارث ومواجهتها. وأكدت د. القرشي على أهمية توفير وظيفة لرصد الأحداث والدراسات الخاصة بالمؤسسات وتوفير بيانات إحصائية تعطي صورة صادقة وواضحة لواقع ومهام المؤسسة وتساعد على إجراء الدراسة العلمية من ميادين مختلفة، إلى جانب إنشاء وحدة خاصة بإدارة الكوارث والأزمات يكون من مهامها صياغة وتطوير نظم وإجراءات التنسيق والتعاون مع الجهات المعنية بالكارثة والسلطات والأجهزة الحكومية لمواجهة الأزمات والكوارث. ودعت د. القرشي إلى التشجيع على استخدام المنهج التكاملي والدراسات البينية والتتبعية والتأكيد على أن تكون التوصيات المنبثقة عن الأبحاث أكثر دقة وتحديداً، وتوفير هيئات للتخصصات العلمية تنسق بين احتياجات المجتمع ومشكلاته ومواضيع الأبحاث العلمية وتشجع على الأبحاث التطبيقية، وتراقب التجاوزات والأخطاء المنهجية في الدراسات، وتحرص على الربط بين النظريات والأبحاث العلمية وكذلك بين أهداف الدراسات ونتائجها، كما تعمل على التواصل مع مراكز الأبحاث ضمن المؤسسات والهيئات الأخرى لحصر الاحتياجات المعرفية ولإجراء مشاريع بحثية بينية مشتركة، فضلاً عن إنشاء هيئة متخصصة في بحوث المشاريع وإلزام المؤسسات البحثية بالتنسيق معها في اختيار موضوعات الأبحاث والتعاون في تنفيذ المشاريع البحثية، وتزويدها بنتائج الأبحاث في ميادين مختلفة. كما استعرضت الدكتورة سعاد عبود بن عفيف "دور جمعية اكتفاء في أزمة سيول جدة" لاسيما في جانب حصر الأضرار ومحاولة تقليل الخسائر بتقديم المعونات للمتضررين أكدت خلال حديثها على تعاون شرائح المجتمع وتكافلها من الدوائر الحكومية، والمنشآت الأهلية، والجمعيات الخيرية، والغرفة التجارية، وبرامج المسؤولية الاجتماعية، وأفراد المجتمع في مساعدة المتضررين من سيول جدة، إلى جانب بروز الدور المهم للجمعيات الخيرية في الوصول إلى الأحياء المتضررة، وإجراء المسوح الاجتماعية، وإيصال المعونات المختلفة، والمتابعة مع الأسر فيما بعد الصدمة، وتناولت أثر المتطوعين الإيجابي في المشاركة، وتحمل المسؤولية الاجتماعية لخدمة المتضررين، وظهور التعاون القائم بين الجمعيات الخيرية، فكانت أكثر من جمعية مسئولة عن الحي، وبالتالي يتم التنسيق بينها لإيصال المعونات، وهذه من إيجابيات العمل خلال الكارثة. فيما تناولت الأستاذة رشا نجيب حفظي عضو مؤسس لمجموعة "مواطنة" التنموية مبادرة المجموعة في إنقاذ متضرري السيول" أكدت خلالها على أهمية وضع الآليات التنسيقية المناسبة بين الجهات ذات العلاقة لضمان توفير كافة مستلزمات الحياة الآمنة في المناطق المتضررة، وبناء شبكة تواصل بين الفرق التطوعية الطبية ووزارة الصحة، الهلال الأحمر والطب الوقائي، فضلاً عن العمل على توحيد إستراتيجيات ومراحل العمل بين القطاعات العامة والخاصة والمجتمع المدني أثناء حدوث الكوارث والأزمات، ونشر ثقافة احتراف العمل التطوعي إعداد استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الكوراث. فيما استعرض الدكتور علي بن عبدالله الفقيه تجربة جمعية زمزم للخدمات الصحية التطوعية استعرض فيها تجربة الجمعية في إغاثة المتضررين من سيول جدة تطرق فيها إلى ضرورة وجود معلومة ومصادر معلومات، والاهتمام بالمتطوعين واحتوائهم استقطاباً وإدارةً ورعايةً، وأهمية الجاهزية والتخطيط والتدريب الحقيقي والوهمي، والحاجة ماسة إلى وجود نظام للتطوع مرن ومحفز ومشجع، مشيراً إلى أن الأزمة أبرزت أن هناك ضعف في التنسيق والتعاون فضلاً عن التجاوب الخيري المشجع والذي هو بحاجة إلى الاستثمار والتوجيه. كما استعرضت الدكتورة إنعام بنت حسن الربوعي رئيسة مجلس إدارة جمعية حماية الأسرة الخيرية تجربة الجمعية في سيول جدة حيث قامت جمعية حماية بتغطية منطقة كيلو 14 الجنوبي والشمالي من خلال خطة عمل بدأت باستقطاب المتطوعين للمشاركة في حملة الإنقاذ وسن القوانين والسياسات وتعريف المشاركين بمهام العمل وتشكيل فريق العمل وشرح المسئوليات والإمكانات وتحليل الموارد، متطرقة إلى المخاطر وإمكانية وقوعها والوقاية من المخاطر وأهمية إعداد خطة التعامل والإستجابة التنفيذ. فيما استعرضت الجلسة الرابعة والأخيرة للمنتدى حيث تحدث الدكتور صلاح عبدالقادر العبدالجادر مستشار الأمين العام لبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي لدولة الكويت سابقا "دور الموارد البشرية في التعامل مع الأزمات" أوضح بأن تكرار وقوع الأزمات وتنوعها وتتابعها يعني ضعف آليات الإنذار المبكر لوقوع الأزمة. وأشار د. العبدالجادر إلى أن الأزمات لا تقع من تلقاء نفسها كما أنها لا تحدث فجأة إنما هي نتاج تداعيات وتراكمات وإهمال وتجاهل وغفلة وتبسيط للأمور، مشيراً إلى أن كل هذا هو نتاج عدم تطبيق الأساليب العلمية الحديثة لاكتشاف الأزمات قبل وقوعها وعدم التعلم من الأزمات الواقعية القديمة وأكد د. العبدالجادر بأن الموارد البشرية بكل جوانبها تعتبر هي نقطة التحول الرئيسية في علاج باقي الأزمات، مشيراً بأن السنوات القليلة الماضية شهدت ظهور أزمات في مناطق مختلفة من العالم ولذا لابد للمنظمات من أن تمتلك الاستراتيجيات الفعالة من أجل مجابهتها، أو حّلها، أو التقليل من آثارها السلبية من خلال اكتساب الموارد البشرية للقوة اللازمة لاتخاذ القرارات والإسهام في وضع الخطط، وتحرير الطاقات الكامنة لدى الأفراد، وإشراكهم في عمليات بناء المنظمة، مبيناً بأن الإدارة الفعالة للأزمات تعتمد على تشخيص الأزمة وتحديد أسبابها، وتحديد الأهداف المتوخاة من إدارة الأزمة، والحد من تفاقم الأزمة. ثم تناول البرفيسور ليستر ماسنجهام استاذ جامعة بي اتش دبليوم لإدارة الأعمال في سويسرا موضوع "الاستراتيجيات الأمثل خلال الأزمات.. تحليل الأزمة" حيث تناول تنوع الأزمات لاسيما الأزمات البيئية وطريقة التعبير عن الإجهاد البيئي بدون تنبيه، وتطرق إلى الحاجات وقت الأزمات كالحاجة إلى المساعدة والنصيحة والدعم وفرض السيطرة والاستقرار والتدخل العاجل والحد من الضرر والاطمئنان والثبات والتنبؤ بالمستقبل والتأقلم وإعادة البناء وإيجاد حلول قوية. وتطرق البرفيسور ليستر إلى الحاجة إلى إدارة الأزمة عبر الاستجابة والاستعداد لها والشجاعة والإلتزام والتحليل والتخطيط والتنفيذ والسيطرة، مؤكداً بأن هناك حاجة شديدة لمنهجية إدارة الأزمات. فيما استعرض الأستاذ الدكتور أسعد بن سراج أبورزيزة رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم البيئية "أسوأ الكوارث البيئية في الزمن المعاصر والمشكل الأخلاقي" متطرقاً إلى أن الحروب وما تخلفه من أسى ودمار هي أقسى الكوارث التي صنعها الإنسان في تاريخه، مشيراً إلى أن حروب القرنين العشرين والحادي والعشرين جاءت مختلفة في النوع. وأكد د. أبورزيزة على أهمية العودة إلى الأخلاق البيئية من خلال احترام الإنسان بما هو إنسان له قيمة ذاتية أو جوهرية، يمتلك الإرادة وله أهداف، مؤكداً على ضرورة اعتناق أخلاق الأرض والنظر إلى الكائنات الحية الأخرى كشريك لنا يقاسمنا الأرض ويتعايش معنا عليها، بناء على الاعتراف بحقوقه ككائن له قيمة ذاتية وأهداف يسعى لتحقيقها، وله إرادة. وفي ختام شكر الأمين العام للمنتدى الدكتور إيهاب بن حسن أبوركبة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة مكةالمكرمة لرعايته المنتدى وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة لتسهيل إقامة هذا المنتدى ولكافة القطاعات والمشاركين في المنتدى، مبيناً بأن المنتدى سعى لتحقيق جملة من الأهداف من أبرزها التعرف على أهم الأزمات الراهنة والمتوقعة وحجمها وآثارها على الاقتصاد والمجتمع، إلى جانب بناء قدرات الأفراد والمجتمعات والمؤسسات الأهلية والحكومية على مواجهة الأزمات، ومناقشة أهمية تأسيس بنية تحتية وقدرات مادية وبشرية وبناء نظم لمواجهة الأزمات، فضلاً عن التعرف على استراتيجيات وأدوات الإدارة الفعالة لمواجهة الأزمات، كما أتاح الفرصة للخبرات المحلية والعالمية للتواصل وتبادل الخبرات. وأبان الأمين العام بأن المنتدى حظى بمشاركة 12 خبيراً أجنبياً و15 مستشاراً عربياً من المتخصصين في إدارة الأزمات والكوارث، موضحاً بأن المنتدى تناول كيفية استجابة الجهات الدولية والمحلية للأزمات العالمية، وآليات تكوين الاستراتيجيات في مجال الأزمات والكوارث وتنفيذها، موضحاً إلى أن المشاركون في المنتدى تعرفون على التحديات والتجارب الناجحة للآخرين في هذا المجال، فضلاً عن الحصول على أفكار وأدوات يمكن تطبيقها فوراً. وأكد د. أبوركبة بأن المنتدى ساهم في بناء شبكة علاقات مع الجهات ذات العلاقة سواءً كانت جهات محلية أو إقليمية أو دولية ستجتمع تحت مظلة هذا المنتدى، موضحاً بأن هذا الأمر سيساهم في اكتساب وتنمية المهارات لدى المشاركين في مواجهة الأزمات باحترافية مطلقة. يشار إلى أن المنتدى العالمي لإدارة الأزمات يعقد بالتحالف بين مكتب الدكتور إيهاب بن حسن أبوركبة ومؤسسة إجادة العالمية ويعمل على جمع وجهات النظر الإستراتيجية والتشغيلية لإعادة صياغة الاستجابات التي تم التخطيط لها لمواجهة التحديات المستقبلية المتوقعة، ويُعد فرصة للقاء والنقاش حول الأزمات الحالية والمستقبلية من خلال جلسات المنتدى وورش العمل المصاحبة.