أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعيا إلى عدم الغضب لما يحمله من آثار جانبيه ونفسيه تؤدي إلى الدمار والخراب على النفس والأمة والمجتمع. وقال فضيلته في خطبه الجمعة اليوم بالمسجد الحرام \" انه لا يخفى على الإنسان بأن للفطرة الإنسانية معالم ثابتة من الغضب والحمية يعز محوها كما أن مخالطة الناس تعرض المرء لخطأ وخطر ثورتهم فيصاب بالمواجع النفسية والآثار الخلقية القاضية بغل لحاجة النفس وكسرها وحملها على ديدن الرجاحة وقسرها \". وبين أنه لعظم خطر الغضب وثقل معاناته ولفظه فقد حذر منه صلى الله عليه وسلم بتوجيهه ( أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال لا تغضب فرددها مراراً ) مشيرا إلى أنه من يرى التاريخ المعاصر فانه يذوق العلقم نتيجة الغضب، فبسبب الغضب الأرعن ازدادت الجرائم والخصومات وكثرت المكائد والشكايات وكثرت الخلافات الزوجية بسبب الغضب فكم أراق الغضب من دماء ورمل النساء وحطم البيوت العليا، يقول الإمام علي رضي الله عنه ( أول الغضب جنون وآخره ندم وربما كان العطب بالغضب ). وأفاد فضيلته أن الغضب يعم جميع الأجناس الصغير والكبير والكهل والشبان والكل محتس من مرير كأسه وربما كان الغضب في أدنى الأمور وأتفه الأسباب ، مشيرا إلى أن بعض الناس هداهم الله متحفز للحمق والتغير إن استعصى عليه أمر استأسد وتغير وتأمر وطاش وطال وانفعل وارتعد وراعه ذلك روعاً عجيبا كأنما سلب دينه ، ومن الناس إذا استبطأ طعامه شاط وطعن وهدد بالطلاق وتوعد بالفراق وضل عن الحلم والسكينة ، وأنه ليس من تلك الفعال النشاز من علة إلا الغضب الأعمى وعدم التسليم بقدر الديان سبحانه وتعالى مع تسلط الهوى وهشاشة الخلق والأدب. وقال خطيب المسجد الحرام : إنه قيل لعبدالله ابن المبارك رحمه الله اجمع لنا الخلق بكلمه قال ترك الغضب مؤكدا أن الغضب جبلة في البشر ليس عنها محيص وتقرير قول البارئ جل وعلا ( وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) موضحا أن هذه الآفة المهلكة تارة تذب طبعا وتارة تحمد شرعا فان زاد الغضب عن طبيعة الجبلة والطبيعة وحاز عن مقاصد الشريعة فأعمى الخلق فان ذلك غير محمود أما إذا كان الغضب المحمود فانه يقيم دعائم الحق والدين وتلك صفة سيد المرسلين التي إذا انتهكت محارم الله لم يقم لغضبه قائمة عليه أفضل الصلاة والسلام. وأضاف فضيلته قائلا \" إن هناك من الناس من يسعى إلى إغضاب الناس وبث النزاعات بينهم مستعينا بوسائل الاتصال والفضائيات وأروقة المحاكم ومراكز الشرط والتحقيقات مع ما يوجد في الأسر والبيوت ومجالس الأطروحات والحوارات وقضايا الاجتهاد والمتغيرات وعالم الشائعات والوشايات لافتا النظر إلى أنه في هذه المحنة يجب كبح جماح الغضب والتضرع بالحلم للفوز بعالي الرتب والابتعاد عن ثورة الغضب والخروج عن الطور فيركب الإنسان مركب التشنج والإثارة للبحث عن الشهرة وخطف الأضواء فيشذ في الطرح وركوب الصعب لإثبات رأيه من اجل فتنه الناس في دينهم أو الجناية عليهم في أعراضهم غير مهتم بمقاصد الشريعة ومصالح الأمة وتماسك المجتمع ضاربا بأبجديات الحوار وأدبيات الخلاف عرض الحائط ومسوغا لخصوم الشريعة وأعداء الملة الطعنه في ثوابتها ووحده كلمتها \". وبين فضيلته أنه قيل أن تسعة أعشار العقل في التغافل والتغاضي وقد يرى العالم ويلقى الداعية ويبتلى المحتسب من خفافيش الظلام بالنيل منه بالغمز واللمز والتشويش والتحريض فيجد في الحلم سلواه مؤكدا أن أولى الناس الالتزام بهذا الأمر هم الرموز والقدوة من العلماء والدعاة والمحتسبين والقضاة. وأشار إلى أن الأمة قد ابتليت بتحديات من عناقيد الغضب الصهيوني ضد مقدسات الأمة ومقدراتها ومسجدها الأقصى إلا أنموذج كالح لسلسلة المكر الصهيوني موضحا أن أمتنا الإسلامية لكي ترد حقها من الكماليات المرجاة والأمجاد المتمناة فلا بد لها مع قوة الإعداد وعمق الإمداد من أطر النفوس على الحلم والصبر والمرحمة ونبذ النزق والملحمة وان يكون ذلك سماتها متذرعة بالفأل والبشائر وذلك في وقت غلب فيه اليأس والإحباط حتى يأذن الله بنصره وتأيده. وبين فضيلته انه لكي تسلم الأمة من الشرور لابد أن تجعل من وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله لا تغضب في كل أمورها شعارا وفي كل تصرفاتها لتحقق خير الدنيا والآخرة.