أقيم في جنوبالطائف (مزاين للخرفان)، وهو عبارة عن مزاد لعدد من الخراف الحرية التي تعتبر خرافا وطنية الأصل والمنشأ ووصلت الأسعار إلى عشرة آلاف ريال للفحل الحري، والخروف يصعب وصفه (بالمزيون) ولكن ما دامت الإبل قد دخلت منافسات الجمال فإن الخروف يستحق مثل المزاين خصوصا أنه حيوان (مملوح) وتقاطيع وجهه مألوفة لدينا جميعا. وقد يكون هذا المزاد مناسبة (دسمة) للحديث عن مأساة الخروف الحري أو الخروف النجدي أو كل أنواع ما اصطلح على تسميته بالخروف (العربي) الذي يعيش في هذه الديار منذ فجر التاريخ ويعرف بلحمه الطيب وأساليبه الاقتصادية في استهلاك الغذاء، بالإضافة إلى استعداده الدائم للتعايش مع البيئة القاسية. فمأساة هذا الخروف الوطني أنه طوال ال 30 عاما الماضية عانى أشد المعاناة من غزو الخراف الوافدة خاصة (النعيمي) إلى درجة أن خروفنا أصبح مهددا بالانقراض، فهو معتاد منذ مئات السنين على بيئتنا الشحيحة، لذلك يحرص خلال وجوده في المرعى على الأكل بطريقة تراعي ظروف المرعى وبهدوء وصبر وقناعة تستحق كل التقدير والاحترام، لأنه يدرك أن ما يتوفر اليوم قد لا يتوفر غدا. ولكن جاءت أفواج النعيمي بعد النفط لتبتلع الأخضر واليابس، فالنعيمي لا تهمه هذه البيئة الجديدة عليه التي لا ينتمي إليها بأي شكل من الأشكال، حيث يسير في المرعى مثل العربة التي تقص العشب في ملاعب كرة القدم، فتراه يتضامن من أبناء جلدته (أو بشكل أدق مع أبناء صوفته) من الخراف النعيمية فيمسحون المرعى الأخضر في نصف ساعة، فيأتي الخروف العربي المسكين ولا يجد أمامه إلا التراب فيصبر نفسه على الجوع (ويمشيها قراطيس)، ورغم كثرة الهيئات واللجان التي تختص بكل شيء إلا أنني لم أسمع عن لجنة أو جهة بحثية حاولت دراسة مأساة الخروف العربي واقترحت طرقا لإنقاذه من الانقراض. قد يقلل البعض من أهمية هذه المشكلة ولكنه لا يستطيع أن ينكر بأن هذا الخروف (منا وفينا) وقد عاش معنا مئات السنين دون أن يشكو القحط والحر وغرابيل الصحراء، وتخلينا عنه في وقت الرخاء سلوك أرعن لأنه متى ما تغيرت أحوالنا الاقتصادية فإن الخروف النعيمي لن يأتي لديارنا ولن يهجر المراعي الخضراء كي يضيع شبابه في هذه الصحاري القاحلة، وحينها سوف تهب علينا رياح الشتاء ونحن لا نجد صوفا يمنحنا الدفء ولا لحما ولا لبنا، فقط سيبقى صدى صوت الخروف العربي يتردد في الوديان: (أضاعوني وأي خروف أضاعوا).. فلنخصص ولو يوما واحدا في العام للتضامن مع الخروف الوطني!. خلف الحربي نقلا عن عكاظ