قال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تواجه العديد من التهديدات والتحديات. ورأى "أن هذه التهديدات بأنواعها تستدعي العمل الجاد من قبل دول مجلس التعاون الخليجي للتحول من صيغة التعاون الحالية إلى صيغة اتحادية مقبولة لدى الدول الست تكفل لها الأمن والاستقرار ومتانة الاقتصاد". وفي كلمته اليوم أمام مؤتمر " الشباب الخليجي: دول الخليج العربية من التعاون الى الاتحاد" الذي ينظمه معهد الدراسات الدبلوماسية وذلك في فندق الريتز كارلتون بالرياض، قال إن "تجارب الأزمات والتحديات السابقة برهنت للجميع على حقيقة صعوبة التعامل الفردي من قبل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع تلك الأزمات". وفي الكلمة التي ألقاها بالنيابة عنه الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية، رأى الأمير سعود الفيصل أن "التعاون والتنسيق بين دول المجلس بصيغته الحالية قد لا يكفي لمواجهة التحديات القائمة والقادمة، مما يستوجب تطوير العمل الخليجي المشترك لصيغة اتحادية مقبولة باعتباره السبيل الوحيد لمواجهة الأزمات بصورة فعالة ومؤثرة". واعتبر أن الاتحاد هو " الوسيلة الأنجع لتحقيق أهداف دول المجلس في التنمية المستدامة والرفاه والاستقرار لشعوبها، والضمانة الأفضل لعدم تكرار مثل هذه الأزمات في المستقبل فالعالم اليوم أصبح، وبصورة واضحة لا تقبل التجاهل، قرية كونية مترابطة، يتأثر كل جزء منها بما يحصل في الأجزاء الأخرى". وعدد الأمير سعود الفيصل جملة من التحديات أمام دول المجلس تشمل تصعيد المواجهة بين إيران والمجتمع الدولي حول برنامجها النووي، واستفزازها المستمر لدول مجلس التعاون على نحو خاص واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني، إضافة إلى تداعيات ما تمر فيه العديد من دول المنطقة من تغييرات سياسية واسعة في إطار ما أصبح يعرف ب" الربيع العربي". وقال: "أدركت المملكة العربية السعودية أهمية التحول من صيغة التعاون إلى الاتحاد، وهي مبادرة الاتحاد التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في كلمته الافتتاحية أمام قمة مجلس التعاون الخليجي الثانية والثلاثين بالرياض". وأضاف: "اكتسبت تلك الدعوة أهمية بالغة ليس فقط لكونها صدرت من قيادة لها ثقل ووزن ومكانة خادم الحرمين الشريفين، بل ولما صاحب هذه الدعوة المخلصة من تجاوب وتفاعل من قبل قادة دول الخليج العربية لهذه المبادرة التاريخية وما تحمله في ثناياها من الرغبة صادقة لنقل العمل الخليجي المشترك إلى سياق آخر أكثر تماسكا وتأثيرا". وقال: "لقد انعكس هذا التجاوب في تبني البيان الختامي للقمة الخليجية الثانية والثلاثين تلك المبادرة بشكل رسمي بل إنه انعكس أيضا في درجة الاهتمام الخليجي تجاه هذا المقترح والتوجه نحو البدء في إجراءات لتنفيذه، عبر تشكيل هيئة مشتركة لدراسته، والاتفاق على آلية عمل الهيئة المختارة، المناط بها رفع توصيات للمجلس الوزاري الخليجي وعرض النتائج على القمة التشاورية القادمة". ورأى أن " التحول إلى وضعية الاتحاد من شأنه أن يمنح مسيرة العمل الخليجي زخماً أكبر، ويعطي دول مجلس التعاون الخليجي ثقلاً أكبر ومكانة تتوازى مع ما لديها من مقومات القوة الناعمة والإمكانات المادية والجيوإستراتيجية الهامة". وأكد أن الاتحاد الخليجي في حالة تحققه - بإذن الله - سيفضي لمكاسب كبيرة تعود بالنفع على شعوبنا، ففي مجال السياسة الخارجية ومع وجود هيئة عليا خليجية تنسق قرارات السياسة الخارجية من شأنه إعادة ترتيب جماعي لأولويات هذه الدول، وهو ما يحقق مصالحها الجماعية، وفي حال تفاوض دول الخليج العربية الست بشكل جماعي مع دول أخرى في إطار اتحادي من شأنه أن يعزز القوة التفاوضية لدولنا على نحو لا يمكن أن يوفره التحرك الفردي المجرد من أدوات الضغط الجماعي. وفي مجال الدفاع، فإن التكامل الدفاعي يشكل الضمانة الرئيسة لأمن دول الخليج العربية كبديل عن السياسات الدفاعية المرتكزة على التحالفات الوقتية المبنية على المصالح العابرة إذ تظل تلك التحالفات مرتبطة بهذه المصالح التي بطبيعتها متغيرة، ومن ناحية ثالثة فأنه في ظل مواجهة دول مجلس التعاون الخليجي أخطاراً غير مسبوقة ليس أقلها ظاهرة الإرهاب، فإن التكامل الدفاعي سوف يكون مقدمة للتنسيق الأمني ومايستدعيه من تطويرً للمؤسسات الأمنية الخليجية. وفي المجال الاقتصادي، فإن اتحادا من النوع الذي تنشده سيجعل من دول الخليج العربية كتلة اقتصادية قوية، بناتج محلي إجمالي بلغ عام 2011 أكثر من 1.4 تريليون دولار، مما يعني أن الاقتصاد الخليجي يمثل أكثر من نصف الاقتصاد العربي ككل. وقال: "تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي نحو 630 بليون دولار من الاحتياطي النقدي الرسمي، ونحو تريليوني دولار من الاستثمارات الخارجية تشمل موجودات الصناديق السيادية. والمعروف أن دول المجلس تمثل سوقا موحدة قوامها 42 مليون نسمة؛ وسيصبح عدد سكان الاتحاد الخليجي (من دون الأجانب) 27 مليون نسمة، وجميع تلك المقومات ذات مردود لا يستهان به ومزايا سيكون مردودها عالي اقتصادياً وسياسياً في حال انتقال مجلس التعاون الى صيغة اتحادية.