تحظى العناية بالأعراض والحرص على صيانتها بالأولوية في الشريعة الإسلامية ومنها تنبثق توجيهات ولآة الأمر والمسئولين الحازمة للتصدي لكل ما يسيئ لهذا الجانب في حرص شديد على حماية أعراض المسلمين. وإمتداداً للدور الريادي الذي تقوم به الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تنفيذ مهامها والتي من أجّلها العناية والحرص على معالجة القضايا المرتبطة بهذه الجوانب ومنها الابتزاز ذلك السلوك الإجرامي الذي يجمع عدداً من صور التعدي والانتهاك للحقوق لمساسه بأعراض وحرمات الناس ومصادمته لحقوق الإنسان وحرمته وكرامته المقررة شرعا والمكفولة نظاما وتعديه على الضروريات الخمس المجمع على صيانتها ورعايتها وما يقع بسببه من الظلم والضيم على المتضررات أو المتضررين فقد قامت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممثلة بمركز البحوث والدراسات عبر مختصين بدراسة مشكلة الابتزاز انطلاقاً من احصاء وقائع الابتزاز التي كثرت في السنوات الاخيرة وتم الرفع عن ذلك لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز و أمر – ايده الله - بتكوين لجنة برئاسة وزارة الداخلية وعضوية عدد من الجهات المعنية من ضمنها الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لدراسة هذا الموضوع الهام. وأوضح ذلك فضيلة مدير مركز البحوث والدراسات بالرئاسة الدكتور عبد المحسن بن عبدالرحمن القفاري وقال أن اللجنة المعنية في مراحل عملها الأخيرة بعد تعمق دراسة المشكلة و استطلاع آراء إمارات المناطق والجهات ذات العلاقة مبيناً أنها تنظر للمشكلة من خلال ثلاث مراحل وهي: المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل حدوث الجريمة والمتمثلة بالجهود الوقائية وتقوم بها معظم أجهزة الدولة على اختلاف مستوياتها وتخصصاتها. المرحلة الثانية: مرحلة حدوث الجريمة وتقع مسؤولية مكافحتها على أجهزة الضبط الجنائي والأجهزة القضائية بشكل رئيس. المرحلة الثالثة: مرحلة ما بعد حدوث الجريمة وتشارك في هذه المرحلة المؤسسات الإصلاحية والاجتماعية والصحية والثقافية وغيرها من مؤسسات المجتمع . وأضاف أن الفئة المستهدفة في دراسة قضايا الابتزاز هي المرأة التي تتعرض لمساومتها على عرضها حيث أشارت الإحصاءات إلى أن الفئة العمرية للمتضررات والضحايا يقعن فيما بين (16-39 عام) وفقا لعينة الدراسة بالإضافة إلى الأحداث وهم صغار السن الذين تتراوح أعمارهم ما بين (8-17عام) , واردف الدكتور القفاري أن بعض صور تلك القضايا تجمع جرائم مركبّة وتتنوع و تختلف بدءاً بالتهديد بإخبار الأهل أو الزوج بما يسيء للمرأة أو تهديدها بالفضيحة وتوزيع ونشر صورها في أوضاع مشينة أو التهديد بالتسجيلات الصوتية و الرسائل وغير ذلك من الوسائل, مضيفاً إلى تنوع البيئات والأماكن التي تستغل من قبل بعض ضعفاء النفوس في الإيقاع بالنساء. وأشار إلى الدراسة اظهرت أن قضايا الابتزاز تقع كثيراً في أماكن العمل المختلطة مع ارتباط مصالح النساء العاملات برجال ليسوا أحيانا من أهل الأمانة والمروءة مما يؤدي إلى وقوع بعض التحرشات الجنسية , أو الابتزاز بدافع العوز المادي , أو من خلال ما ينشر في الصحف عما يسمى بمؤسسات التوظيف أو الإعلان عن وظيفة حيث اتضح أن هناك صوراً من ابتزاز المرأة من خلال المؤسسات أو الإعلانات التي كثيراً ما تكون وهمية, وصنف من الضحايا يقعن من خلال المصائد العاطفية وغيرها . وبين أن الدراسة اظهرت من خلال عينات القضايا المضبوطة من قبل مراكز الهيئة في الفترة الأخيرة إلى شناعة بعض الصور من حيث اشتمالها على الإهانة والعنف بل والتعذيب أحياناً مع انتهاك العرض وسلب المال والأذى الجسدي والمعنوي ,كما لوحظ ضبط عدد من القضايا التي يمارس فيها غير السعوديين جريمة الابتزاز في حق بعض السعوديات ويحصلون من خلالهن على مبالغ مالية طائلة جراء التهديد والإكراه إلى أن يستعنّ بعد الله بجهات الضبط ومنها مراكز الهيئة لتخليصهن من هذه المعانات بعد التحري والتأكد من صدق الوقائع بطرق نظامية و يحصل بذلك الستر عليهن وضبط الجناة ,وعينات القضايا في هذا الباب كثيرة لا يستوعبها الحصر. ووجه فضيلته نداءً لكل من تعرض للابتزاز أو الإكراه المعنوي أو المادي بالاتصال بأقرب مركز هيئة في منطقته لمساعدته في التخلص من أولئك المفسدين , وأوصى أولياء الأمور بالحرص على من استرعاهم الله من أبناء والحفاظ عليهم من الوقوع في مستنقع الرذيلة , وأهمية التبسط مع الأبناء والبنات والزوجات واعتماد الحوار والتفاهم أسلوباً للتعامل وإشباع الاحتياج العاطفي والنفسي لئلا يقع ما يدفعهن للبحث عن البدائل المظلمة، وشكر فضيلته في الختام ما تلقاه الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من دعم ومؤازرة ولاة الأمر حفظهم الله ومساندة المسئولين في الجهات المعنية وتضافر الجهود في هذه البلاد للمحافظة على معتقداتها وسمو أخلاقها.