طاش وثقافة الحوار تعد الحلقة المتعلّقة ب"الخال بطرس" إحدى المنعطفات المهمة في تاريخ "طاش ما طاش" النّقدي. أمّا كون ها النّقد هادف أم يعدُّ حلقة هدم وفكر مضلل؟! فهذا ما ينبغي الخوض فيه أو الإمساك بخيوطه؛ كي ندرس نقاط الضعف والقوّة .فمن الطبيعي أن هذا النّص صيغ من أجل الوقوف أمام نقطة تلزم التأمل، وإعادة تفنيد الواقع بطريقة مختلفة عما هي عليه من قِبَل الفرد العادي ،وممّا يُحتسب لهذا النّص ثقافة الحوار مع الآخر،وكيفية التعاطي معه بعيدا عن المهاترات والعراك الذي لا جدوى منه،وهذه الثقافة ليست بجديدة .إذ تعد من نهج ديننا الحنيف ،وقد نبّهت إليه سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام حين زيارته لجاره اليهودي ، وإن كان هناك هدف وبُعد لهذه الزيارة من دعوته للإسلام. كما أنه عليه الصلاة والسلام مؤهلٌ للحوار والحكمة في التعامل مع أهل الكتاب. فهو نبي الله المختار. ولكن أن نتلّقن هذه السيرة دونما مؤهلات تمنحنا القدرة في الحوار وتلمّس مواطن الخلاف فهذا من الخلل الكبير والمصاب الجلل الذي نقع به دوماً، فيصفنا البعض بسذاجة الفكر وبدائية الثقافة، وهذا حقاً ما تجسّد في نص"الخال بطرس" إذ حاول الكاتب معالجة الحوار مع الآخر ولكنه انساق خلف تزيين ذلك الآخر وبهرجته على أنه يتعالى عن الواقع ،ويمتلك مقوّمات لا يمتلكها الفرد المسلم. وقد بيّن أن الفرد المسلم ،والسعودي على وجه التحديد إنسان بدائي ساذج إلى أبعد الحدود. كما صوّره كالآلة التي تحسن الاستجابة لأي شيء. فهل يعقل أن يُقنِع "بطرس" أبناء أخته بسماحته وحفظه للقرآن الكريم؟! وكأنه ملاك منزل من السّماء . المسلمون في ذواتهم يختلفون ويقعون كثيراً فيما يخدش دينهم. فكيف بشخص يخالفنا في ديننا؟! .وذلك ليس انتقاص من أهل الكتاب .بل على العكس هي صورة تمتاز بالمصداقية والوضوح بعيداً عن التقليل من شأن أي طرف على حساب الآخر. وقد تكون تلك السذاجة هي جزء من الطيبة والصفاء الذي يمتاز به الفرد السعودي؟! ولكن من المفترض أن لا تكون على حساب دينه. إذ لا يعقل أن يكون شخصاً مستسلماً مُسيّراً يقبل بدخول الكنيسة ويحضر مراسم زفاف وهو متشدّقا بابتسامة وكأنه محتفلا بتحرير فلسطين أو فاتحا لبلاد الأندلس. ربما حقّاً نحن لا نمتلك الثقافة الكافية للرّد على من يخالفنا فكراً وعقيدة، ومن هذا المنطلق ينبغي الوقوف بجرأة وإعادة صياغة مناهجنا والأسس التربوية بما يؤهلنا لمجابهة الواقع ومتغيراته. والتصدي لمن يخالفنا بالحكمة والموعظة الحسنة. خاتمة : قال تعالى:} وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَالَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ {120 سوره البقرة أسماء الأحمدي