براعة ممثلون الحياة..!! يقول شكسبير (الحياة مسرح وكلنا ممثلون) اها يا شكسبير كلامك في محله، فعندما كنت صغيراً كنت دوماً أتعجب من براعة أولئك الذين يظهرون بالتلفاز واعني هنا الممثلون الذين يجيدون تقمص الشخصيات المختلفة ببراعة كبيرة، أتعجب من استطاعتهم تقمص شخصية مختلفة عن شخصيتهم حتى ولو كان ذلك التقمص لعدد من الأيام التي يظهرون فيها على التلفاز، وتترسخ في ذهني تلك الشخصية لذلك الفنان لدرجة إنني لا أستطيع إن أتخيل بأنه إنسان مختلف عن تلك الشخصية فتلك الشخصية رسخت في داخلي له، وعندما يظهر في دور أخر بشخصية مختلفة لا أستطيع إن أتكيف معها لبضع أيام "حلقات" مع تقمص ذلك الفنان لشخصية مختلفة لما ظهر عليه من شخصية في المسلسل السابق أصاب بنوع من الاكتئاب الداخلي والتعجب الشديد وتجدني أتسأل كيف يمكن لهذا الفنان وذاك تقمص شخصيات مختلفة وإقناعنا بذلك الدور، فأنا لا أستطيع تقمص شخصية مختلفة حتى ولو لوقت بسيط عن شخصيتي التي نشأت عليها. ولكن عندما كبرت أدركت أن الحياة بها من الممثلون الكثير والكثير الذين باستطاعتهم تقمص عدد من الشخصيات في أوقات متقاربة وبسرعة متناهية وببراعة مطلقة، تجد الواحد منهم أمامك بشخصية وخلفك بشخصية أخرى، يأتي لك بشخصية عندما يكون له هدف معين وبمجرد الحصول على هدفه تجده بشخصية أخرى، شخصيته مع من لديه المال مختلفة تماماً عن شخصيته مع الفقير أو البسيط، يتقلب من شخصية إلى أخرى حسب الموقف وحسب مصالحه وأهدافه، وكأنه حرباء، فعندما يقدر عليك أن تتعامل مع احد الأشخاص الذين يتصفون بهذه الصفات يجب أن تكون حذر جدا في تعاملك فهو لا يرحم ولا يخجل ولا عاقبة له، فمصلحته أهم وأهدافه الشخصية تحتل أولوية. لكن ما أصعبها من حياة عندما يكون من تعيش معه وتبادله الحب والعطف والود شخصيته تحمل هذه الصفة، أخاً أو زوجاً أو أبناً أو حتى صديقاً، كلماته لا تعكس ما بداخله، تمنحه الحب وهو يخطط للغدر، تضحي من أجله وهو يخطط للإطاحة بك، يتصرف أمامك بشخصية وخلفك بشخصية أخرى، يدعي حبك ويتقرب لك وهو يكن لك الكره وربما الحقد، هذه النوعية من البشر لا تستحق الحياة وان عاشوا فلا مكان لهم بين البشر أصحاب القلوب النقية التي لا يتقلبون بشخصيتهم حسب مصالحهم، فهم منافقين لا أمان لهم ولا عهد، الكلاب أوفاء منهم للأسف ولكن هي الأقدار تجعل بعضنا أسير المحيطين به ولا خيار له غير الصبر والدعاء. قال تعالي {ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الأخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين امنوا وما يخذوعون الا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضى ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون} المهندس/عبدالله بن عمر العمودي