عجلة السعودة انطلقت فلنحافظ عليها (1) لا أعتقد أن أحدا في الكون يعتب على أي بلد يسعى لخير أبنائه، فكما أن رب الأسرة يسعى لتحسين أوضاع أولاده، فإن المواطنين بالنسبة لحكوماتهم بمثابة الأبناء الذين يملكون الحق الكامل في التوظيف والعمل وجني الأرباح وتطوير بلدهم الذي نشأوا فيه وتربوا على حبهم لترابه. ومن هذا المنطلق العاقل والطبيعي فإننا في بلد مثل المملكة العربية السعودية، يطمح بعزم قيادتها لأن يكون وطنهم في العالم الأول، نرى أنه من حقها (كقيادة)، تدرك جيدا أن الوطن لا يرفعه سوى أبناؤه، أن تهتم بهؤلاء الأبناء وتوفر لهم حياة كريمة في وطنهم، ومن حق قيادتنا أن تهيئ فرص العمل لأبناء الوطن بدل إعطائها لوافدين، يعودون بالخير الذي يجنوه على بلدانهم بدل من وطننا الذي ما يزال ضمن التصنيفات العالمية بلدا ناميا ومن بلدان العالم الثالث ويحتاج إلى الكثير من تسريع الخطى في سبيل التقدم والرفعة ... وبالتالي فإن من حق هذه القيادة أن تطرح وعلى الملأ مشروع السعودة. لم يأت مشروع السعودة من الفراغ بل جاء قبل سنوات عدة نتيجة ظروف اقتصادية محددة وتفاصيل عمل دقيقة، وزيادة رقعة البطالة، أجبرت في مجموعها الوزارة المعنية لأن تدق جرس الخطر، بضرورة الانتباه إلى سوق العمل المحلية الذي يعتبر المقصد الأول لجميع أبناء دول العالم بلا استثناء. وإزاء هذه الرؤية كان لا بد من خطة استراتيجية بعيدة المدى تتبناها وزارة العمل المعنية بهذا الشأن، تساهم في الحد من التدفق الخارجي إلى سوق العمل السعودية، وتفتح المجال واسعا أمام المواطنين للعمل في القطاع الأهلي وتخليص القطاع الحكومي رويدا رويدا من العمالة الوافدة، غير الماهرة منها على وجه التحديد. ورغم أن عربة السعودة ما تزال في بداية الطريق إلا أن الكثير من العصيّ بدأنا نراها وهي تعيق المضي قدما نحو الهدف ولعل أبرز تلك المشكلات طالبي العمل أنفسهم، إذ لا توجد جدية لديهم للعمل، ما يجعل القطاع الخاص في حالة من القلق إزاء أي محاولة لتبني هؤلاء الشباب، وطالما أننا في بلد تمتاز فيه لغة السوق (العرض والطلب)، فإن رجال الأعمال أو أصحاب المهن يفضلون أشخاصا يقدمون لهم جودة عالية وبمردود أقل. كذلك فإن نسبة من يملكون كفاءة للعمل في أوساط الشباب السعودي ما تزال منخفضة قياسا بأبناء الأجانب المقيمين آباءهم منذ عقود في البلد، الأمر الذي يدعونا بجدية للتفكير في مخرجات التعليم لدى أبنائنا السعوديين، فالأمم التي ارتقت إلى الصفوف الأولى أول ما اهتمت بالتعليم، فهو الأساس الحقيقي للنهوض، ومن غير دراسة هذا الجانب فإننا لن نتمكن من مضاهاة من يأتينا طالبا للعمل بأبنائنا أصحاب الكفاءات والاستعداد للانخراط في سوق العمل. وفي المقابل، لا بد أن تتعاون وزارة العمل للحد من استقدام أصحاب المهن التي بإمكان المواطن السعودي أن يشغلها، فالعمالة الوافدة في مثل هذه المجالات سيزيدون الأعباء على البلد، ولن نستفيد منهم شيئا، كما أنهم سيقفون حجر عثرة في طريق التنمية المأمولة، وهنا يأتي دور القطاع الخاص، فمن حق الوطن عليه أن يدفع بعجلة التنمية على يد أبناء الوطن, واستبدال العمالة الوافدة بأخرى سعودية مدربة، علما أن طريق الأمل مليئ بالأشواك. الأسبوع المقبل سنتكلم عن كيفية العلاقة التي تساعد القطاع الخاص والدولة على تطبيق السعودة بأقل الخسائر. بسام أخضر