ملف أخضر (علاقي)!! لي صديق يتمتع بروح الدعابة ، قابلته صدفة بالقرب من إحدى الدوائر الحكومية حينما ذهب لتقديم طلبه الذي يراه سهلا فيما لا يزال غيره يجاهد لإبقائه معقدا ! سألته ساخرا وهو يحمل معاملته العتيقة بين يديه : (يالله .. لسى فيه ملف أخضر علاقي ؟!) فرد بابتسامة (المكر) : هذا الملف يا عزيزي يبدأ معك منذ الولادة عندما تضاف ببطاقة والدك لدى الأحوال المدنية ، مارا بمراحلك الدراسية ، مصاحبا لمراحل تقديمك للوظيفة ، ملازما لمرحلة العمل والتقاعد منتهيا بتقديم شهادة وفاتك ( بعد عمر طويل ) . وأظن صاحبي محقا ، فالأمر أشبه بالنكتة ! الدنيا من حولنا تتسارع في تطور تقني عجيب يبهرك لدرجة تترحم معها على أحوالنا التي لا تزال تصر على أنظمة وقرارات ( أكل عليها الزمن وشرب ) ، ناهيك عن تأخرنا عن مصاف الدول المتقدمة ! فالعالم من حولنا ينهي كافة أموره بضغطة زر ، ونحن لازلنا نعمل ب ( ملف أخضر علاقي! ) ولا أعلم حقيقة ما سر هذا الملف الأخضر بالتحديد رغم كثرة الملفات والألوان الزاهية التي ربما تخلق نوعا من البهجة في نفوس العاملين في ظل التشبع المزمن من روتين العمل العتيق !!! أما مقار الدوائر الحكومية المستأجرة والأثاث (المغبر) ، وموظفيها الذين بلغوا سن التقاعد وهم لازالوا يشغلون مناصبهم بكل أريحية وبنفس روتين العمل منذ ثلاثين سنه ، والشباب صاحب الروح والعلم الحديث والتكنولوجيا لازالوا ينتظرون على أرصفة ( البطالة ) لعل وعسى أن يصدر المسئول { أمرا كان مفعولا } ، فهذا فصل آخر من فصول المعاناة . تذكرت معها مدرّسة التقيتها بالخارج ، وأخبرتني كيف أن طالباتها في المرحلة الابتدائية لا يركزن ويبدعن حينما تشرح لهن بالطريقة التقليدية عبر السبورة ، وكيف أنها لم تعد تستخدم تلك الطريقة المملة منذ سنوات ، مستغلتا ما وصل إليه العلم من تقنية عبر أجهزة الحاسوب والماسح الضوئي وأجهزة العرض وما يتاح لديها من أجهزة أخرى قد تفيدها في إيصال المعلومات لهن بطرق عصرية ممتعة ، وبما ينعكس إيجابا على تحصيلهن العلمي . والحقيقة أني لا أعلم كيف أن تلميذا تربى على (الكمبيوتر) و (البلايستيشن) وأجهزة أل (DVD) وال ( NB3) وغيرها سيركز لما يشرح على السبورة !! لكني لازلت أحلم بيوم ٍ وردي ٍ جميل ننهي فيه معاملاتنا بضغطة زر ، ونقول للملف الأخضر العلاقي ( باي .. باي ) !!! صالح بن فارس