قال أ.د عماد عبدالقادر كوشك عميد كليه الطب بجامعة الباحة : من المتعارف عليه في معظم كليات الطب تدريس مقرر أخلاقيات الطبيب أو الأخلاق الطبية. ويعنى هذا المقرر بتطوير مهارات الاتصال بين الطبيب والمريض على أسس شرعية ودينية، مستقاة من الأخلاقيات العامة في الإسلام ومن الأخلاقيات العلمية لمهنة الطب. إلا أن هنالك جانب هام من الأخلاقيات مغفل عنه. وهو أخلاقيات المريض مع الطبيب، وكيف يكون عليه تعامل المريض مع الطبيب، ففي بعض الأحيان يفاجأ الطبيب بصعوبة التعامل مع بعض المرضى. ومن ناحية أخرى فإن المريض معذورا لأنه في وضع حرج وضعيف، ولا بد لزاما على الطبيب أن يلتمس له العذر في أي تصرف خلقي أو سلوكي غير لائق يقوم به تجاهه. وبالمناسبة السعيدة بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك (عبدالله بن عبدالعزيز) حفظه الله ورعاه إلى أرض الوطن سالما بعد رحلته العلاجيه، فإنني أود أن أقف على خواطر وإيضاءات مستقاة من كلمات خادم الحرمين الشريفين أثناء مرضه ومقابلته مع الحضور والجمهور، والتي تم بثها عبر قنوات البث المرئية والسمعية. ومن هذه الإيضاءات التالي:- - قام خادم الحرمين بيديه بإصلاح جهاز الآقط (المايكروفون) في بداية الحديث وهو في هذه الحالة المرضية. وذلك لتأكده وحرصه على وصول صوته في أحسن حال للحاضرين والمستمعين احتراما وتقديرا لهم. ويعد ذلك من مهارات الاتصال المهمة. - توجيه كلمات الشكر للحضور ولكل من سأل عليه أثناء مرضه, فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وكذلك الدعاء لهم بالتوفيق. وهذا مما يغيب في بعض الأحيان عن المرضى نتيجة لانشغالهم بما ألم بهم. - التركيز على الاختلاف الحميد في وجهات نظر الأطباء في ما يعرف بكيفية الوصول إلى التشخيص الطبي الصحيح. وهذا فيه تقدير لإمكانيات الأطباء وعلم التشخيص التفريقي. فلقد ذكرتم يا خادم الحرمين بأن سبب العلة الطبية قد يعود إلى عدة أمراض، وأن الأطباء ما زالوا يبحثون عن السبب الحقيقي للوعكة الصحية. وفي هذا مثال كبير للشجاعة الأدبية والشفافية مع المستمعين من الخاصة والعامة من الشعب، وفيه كذلك تقدير كبير للأطباء ومهنة الطب. - قولكم يا خادم الحرمين (دام أنكم بخير أنا بخير) يدل على السمو النفسي فوق المعانة المرضية. ويشير أيضا إلى أنها نفسية مستقرة ومرتبطة بالله عز وجل ثم بقيم عالية وهو أن الشعب بخير. وكان هذا مما أثلج صدور الكثيرين وأدى إلى طمأنتهم على حالتكم الصحية. إن قيام المريض بطمأنة الحاضرين والمستمعين الذين من حوله وليس العكس، هو خلق رفيع ورقي في أساليب التعامل مع البشر. - استعمال روح الفكاهة وإدخال السرور على قلوب الحاضرين من قبلكم يا خادم الحرمين، رغم أنه من واجبات الزائرين والمطالبين بأن يدخلوا السرور على المريض. ويعطي هذا الخلق المتميز ياخادم الحرمين أريحية كبيرة لدى الحاضرين، وهو من الأمور التي تساعد كثيرا في تفاعل الأطباء مع المرضى إيجابيا وبشكل أفضل. - وقولكم يا خادم الحرمين الشريفين (والنساء لم نرى منهم إلا كل خير) فيه إشارة لاهتمامكم المتواصل بالجزء النسائي من المجتمع ورفع معنوياتهم حتى أثناء المرض، وخصوصاً في دولة متهمة بإغفال العنصر النسائي وحقوق المرأة. - تقديم الاعتذار وطلب السماح من الحضور لأنكم يا خادم الحرمين لم تستطيعوا بالقيام وأن تقفوا لكي تصافحوا كل من حضر. فأي أدب وأي خلق رفيع هذا أيها المليك المفدى. لقد ضربتم يا خادم الحرمين المثل الأعلى في الأخلاقيات وفي فن التعامل مع الناس ومهارات الاتصال في حال صحتكم ومرضكم. حفظكم الله يا أبا متعب ورعاكم وجعلكم ذخراً لهذا البلد خاصة وللأمة الإسلامية أجمع. وحمداً لله على سلامتكم.