لن نقول قبل سنوات مضت بل عقود تتابعت طرحت العديد من الدراسات والأفكار لتطوير نظام النقل بالمشاعر المقدسة فطالب البعض بالحد من عدد الحافلات المستخدمة ونادى آخرون بضرورة فتح أنفاق وشق طرق وإقامة جسور للحد من ازدحام الحافلات ونقل الحجاج بشكل آمن وسريع . غير أن هذه الأفكار وان ساهمت نوعيا في تخفيف الازدحام لكنها لم تقض عليه بشكل كلي فضلا عن أن عملية تنقل الحجاج بالمشاعر المقدسة تشكل صعوبة بالغة ليس لحجاج بيت الله الحرام وحدهم بل للدولة أيضا التي سعت من جانبها إلى تنفيذ العديد من المشاريع للحد من مشكلة الازدحام بالمشاعر المقدسة بدءاً من تصعيد الحجاج إلى منى لحجاج التروية أو عرفات ومرورا بالنفرة إلى مزدلفة ومن ثم إلى منى فالعودة إلى مكةالمكرمة. وأمام تزايد أعداد الحجاج لم تكن هناك من حلول سوى العمل على شق طرق وإقامة جسور غير أن المشكلة ظلت قائمة فحافلات الرد الثاني العائدة لعرفات إما تدخل الحجز أو تقف ساعات انتظار طويلة بالطرق. فكانت أولى الحلول صدور التوجيهات بمنع المركبات التي تقل حمولتها عن تسعة ركاب من دخول المشاعر المقدسة كخطوة أولى للقضاء على مشكلة الازدحام غير أن المشكلة ظلت قائمة. ولم تكن هناك حلول أخرى سوى العمل على شق طرق جديدة مهما بلغت تكلفتها المادية غير أن هذه الخطوة ظهرت آثارها على المساحة المخصصة لمخيمات الحجاج ودخل نظام النقل بالرحلات الترددية لأول مرة عام 1416 ه كحل آخر لنقل حجاج بيت الله الحرام بالمشاعر المقدسة غير أن التوسع في تطبيق هذا النظام وان ساهم بشكل جيد في القضاء على تزاحم الحافلات والحد من أعدادها فانه يستلزم توفير طرق خاصة لتطبيقه من خلال تخصيص طريق لكل مؤسسة من مؤسسات الطوافة الست وطرق خاصة لمؤسسات حجاج الداخل. ويمكن القول أيضا إن هذه الحلول تعتبر حلولا جيدة لها ايجابياتها كما أن لها سلبياتها في التخفيف من الازدحام المعروف بالمشاعر المقدسة فتم تطبيق نظام النقل بالرحلات الترددية بداية لحجاج مؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا واستراليا تلتها بعد عدة سنوات تطبيق النظام لحجاج مؤسسة مطوفي حجاج دول جنوب شرق آسيا . وخلال موسم حج هذا العام سيتم تطبيق النظام لنقل حجاج مؤسسة مطوفي حجاج الدول الإفريقية غير العربية. وهنا نقول بأن تطوير نظم النقل بالمشاعر المقدسة سائر بشكل جيد ولايعني دخول قطار المشاعر إلغاء لمشاريع نقل معدة. غير أن فكرة تنفيذ قطار المشاعر المقدسة ليدخل مجال الخدمة لأول مرة هذا العام جاءت بهدف توفير نظام نقل آمن وسريع لحجاج بيت الله الحرام يسهم في القضاء على مشاكل تكدس الحافلات بالطرقات خاصة بمشعر مزدلفة الذي يصفه الكثيرون بعنق الزجاجة. ويعد هذا المشروع مفخرة للمواطنين السعوديين لما يقدمه من خدمة لضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة فالمسافة الزمنية بين المحطة الأولى في مشعر عرفات إلى محطة جسر الجمرات تبلغ نحو 15 دقيقة . فيما ستكون الفترة الزمنية من مشعر عرفات إلى مشعر مزدلفة، أو من مزدلفة إلى مشعر منى تتراوح بين 5 و7 دقائق. وبين تطوير وتوسعة للطرق وإقامة الجسور والتوسع في نظام النقل الترددي ودخول قطار المشاعر للخدمة تبقى خدمات الحجاج وتطوير مرافق الدولة هدفا اسمى لقيادتنا الرشيدة تسعى لتحقيقه.