| قلنا ليس من الغريب أن تحزن وتتأثر كثيراً لفقد من تعزه وتحترم مسيرته وان تعود بك الذكريات الى ما زاد عليك ما لم تتوقعه لكنها الحياة بمنغصاتها ومباهجها وبما خلق الخلق لابتلائه ومعرفة المناط بالمكوث عليها. لقد فقدت الساحة العربية في 8 شعبان المنصرم 1431ه احد رموزها شعرا وادبا وتأليفا الصديق والشاعر والاعلامي المميز الاستاذ راضي صدوق رحمه الله رحمة واسعة هذا الانسان الذي شارك مشاركة قل ان يقوم بها الا العمالقة الموهوبون هذا المتوهج سلوكا وممارسة تعرفت عليه في فندق الرشيد ببغداد حيث كنا نسكن في الثمانينات من القرن المنصرم وكان انذاك مع الوفد الاردني المشارك الا انه يعرفنا جيدا حيث كان متابعا دقيقا للنشرات المهتمة بالكلمة اذ لا يفوته كما حدثني اي منشورة تعنى بالفكر وبالادب وعلاوة على ذلك يعتبر احد ابرز مؤسسي الصحافة العربية كما رأس وتولى العديد من المواقع الشهيرة في الاردن بصفته اولا اردنيا من اصل فلسطيني ثم في السعودية حيث مكث ردحا من الزمن منذ شبابه في الحجاز مشرفا ومضيفا ثم في مدينة الرياض في آخر عمره لوقت طويل وكان قبل مجيئه الأخير قد عمل في الصحافة الكويتية مطورا ومبتكرا ثم في دولة قطر في نفس المهمة، كذلك خارج الوطن العربي او ما اعتيد على تسميته بالمهجر حيث رأس تحرير مجلة العالمية الالكترونية وكذلك رأس تحرير مجلة (رسالة الاردن) الاسبوعية ومن ثم مجلة (حماة الوطن) المهتمة بالجيش والقوات الكويتية ثم مديرا عاما ورئيس تحرير جريدة (الأيام) وهي اول صحيفة يومية صدرت باللغة العربية في روما وتتابعت الأيام حيث اختير رئيساً لتحرير مجلة (الرائد العربي) الاسبوعية.. وبعد ذلك توالى نشاطه فانشأ جريدة (الهدف الكويتية سنة 1961م ثم بعد فترة وجيزة انشأ جريدة (الوطن) وجريدة (السياسة) الكويتيتين وعمل اثناء ذلك مديرا لتحريرهما ولتفهمه للحياة في الكويت جيدا وللقبول المنقطع لجهوده طلب منه انشاء مجلة (البيان) الشهرية الصادرة عن رابطة الادباء الكويتيين.. اما جهوده الاذاعية فقد عمل مستشاراً ثقافياً ومتابعاً للاذاعة الاردنية وعندما طلبت دولة قطر من المملكة الاردنية مساعدتها لتأسيس الاذاعة القطرية انتدب راضي صدوق مع احد زملائه لتأسيس الاذاعة القطرية، كما عمل اثناء ندرة الخبراء مشرفا على ادارة الاحاديث والثقافة في الاذاعة السعودية وتوالت الايام حيث تم نقله من الاذاعة السعودية ليساهم في تأسيس منظمة اذاعات الدول الاسلامية وشغل فيها منصب المدير البرامجي للمنظمة ردحا من الزمن اما على مستوى النقابات والشعراء واتحاد الكتاب والصحفيين فهو يعد من الأعضاء الفاعلين بل من الأصوات المحترمة على مستوى الوطن العربي، ومع انه قد وصل الى هذه المرحلة من التقدمة والخيار فقد عاش بسيطا متواضعاً قريبا من الجميع، ومع هذا الزخم المعرفي، كما اشرت فانني لم اراحدا من معارفه الكثر قد رثاه وأوفى بالواجب سوى الاستاذ الوفي عبدالفتاح ابومدين ولعلني أقول هذا القول انصافا وتقديرا لذلك العلم رحمه الله، بقي ان اذكر ما ترك للساحة من الشواهد الموثقة فقد كان حريصاً على توثيق شعره منذ صباه المبكر حيث طبع مجموعات من الشعر كما تناثرت قصائده في المجاميع العربية كرابطة الادب الحديث والشعر الفلسطيني المقاوم وكذلك مجموعة (المربد) المشهورة.. ومع تقادم الرحلة جمع العديد من الاضابير للشعراء الذين خبرهم وعندما اكتملت عنونها ب (الشعراء العرب في القرن العشرين) ولا ادري هل اكتملت مادة هذا السفر وهل قدمت للطباعة؟ ام انها لازالت رهن تركته؟ كذلك اصدر مؤلفه النادر (شعراء فلسطين في القرن العشرين) وهو مجلد يقع في ما يقارب 700 صفحة من القطع العادي، وهذا العمل يعتبر توثيقاً انطلوجيا لرفقاء دربه. (يتبع)