ألقى الدكتور حسن بن فهد الهويمل عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم، ورئيس النادي الأدبي بالقصيم (سابقاً) مؤخراً محاضرة بعنوان (الرواية السعودية - نظرة نقدية) في منتدى (العُمري الثقافي) في مقره بحي الفلاح شمال مدينة الرياض. وشهد المحاضرة - التي قدم لها وأدارها الدكتور عبدالله بن صالح العريني عضو هيئة التدريس بكلية اللغة العربية بالرياض- لفيف من المفكرين والاقتصاديين والأكاديميين ومجموعة من المثقفين والإعلاميين إلى جانب الدكتور عبدالعزيز بن إبراهيم العمري عضو المجلس البلدي بمدينة الرياض. وقال: إن الرواية الآن تحتل جوانب أدبية وفكرية، واجتماعية، وثقافية ولقد قيل بأن الزمن زمن الرواية، فالسلطة كانت في السابق للشعر وهي الآن في الشخصيات ، مؤكداً على أهمية الموازنة بين شرف اللفظ وشرف المعنى وعدم الفصل بين هذه الثنائية، مشيراً إلى أن كثيراً من النقاد يهتمون بالجمالية والفنية دون النظر إلى بعد الكلمة، ولأن الكلمة أمانة والمصداقية شرط لابد منها لأي ناقد أو منظر ، أو كاتب أن يعرف ، أو يتقن خطورة الكلمة وأهميتها وشرط المصداقية لكي يكون مقبولاً. وأبان الدكتور الهويمل أن أي نص إبداعي له ثلاثة أبعاد، البعد اللغوي، والبعد الدلالي والبعد الفني ، ولكل بعد مفردات ، وما من ناقد إلا وله رؤيته في تلك الأبعاد، كلما جنح المبدع في واحد منها تحول النقد من التحديد والوصف إلى المحاكمة والشكر، والناقد الممتهن لمهنته كالقاضي، فأي ناقد يحاول أن يضع في اعتباره ارضاء كل الأطراف لا يمكن أن يصل إلى ذلك ، فلابد أن يتوكل على الله ويقدم على مواجهة أي ظاهرة، وهو يعرف أنه سيفقد طرفاً من أطراف القضية. وزاد قائلاً: إن المشهد الأدبي مستباح الحمى ..ونحن نشاهد أن عدداً كبيراً من المبدعين لا ينظرون إلى مشاعر المتلقي ولا يحترمون القيم، ولا يحترمون الظواهر فبالتالي فإن مهمة النقد تتضاعف لأنه سيواجه بطوفان من الإخفاقات ، الأخلاقية، واللغوية، والفنية، ونشاهد الآن الرأس للحراك الأدبي يرى أن كثيراً من الذين لا يمتلكون موهبة ، وتجربة وثقافة ، ولا يمتلكون مواقف يتوسلون بالتهتك والعامية وبغيرها لكي يبرروا ابداعاتهم ، أو كتاباتهم ولكي يكون لهم حضور ناتج من هذه الإثارة ، ومن هذا الاستفزاز ، ومثل هذا المشهد بحاجة إلى النقد القوي الذي لا يخشى في الحق لومة لائم. وقال الهويمل: نحن الآن نسمع كثيراً من المبدعين ، والحداثيين وغيرهم كلمة فلان مؤدلج، أو متهم برؤية معينة ، سواء رؤية أخلاقية ، أو رؤية دينية، أي رؤية ذات طابع فكري فيقال بأن هذا مؤدلج ، وهي سمة ذم لأنه يظل متهماً في هذا الفكر، أو هذه الأيدلوجية وكثيراً ما يوصف بالأدلجة، مشيراً إلى أن الناقد قد يهتم بالبعد الأخلاقي، وبالتالي فهو يحاسب المبدع على جنحه الفكرية ، يحاسب الناقد على سقوطه الأخلاقي ، ويحاسب الناقد على استفزازه للرأي العام ولا يرضى أن يكون هذا العمل الإبداعي مصدعاً للمجتمع أخلاقياً أو فكرياً. ورأى أن النقد الأخلاقي تيار من التيارات النقدية لا يجب علينا أن نهمشه ، ولا يجب أن نتهمه بالأدلجة ما دام هذا الناقد يعي البعد الفني، ومتطلبات الشكل، والبناء ونحو ذلك والشخصيات والزمان، والمكان ، ودور الزمان والمكان في إنتاج الدلالات ، فما دام الناقد الأخلاقي يعي مثل هذه الأشياء ويطالب بها ، فمن حقه أن يركز أو يسلط الضوء على البعد الدلالي من جانبه الأخلاقي، ومن جانبه الفكري، ومن جانبه الاجتماعي ، والناقد الأخلاقي المتفهم دائما يوازن بين شرف اللفظ وشرف المعنى ، فلا أحد يستطيع أن يقول بأن شرف اللفظ مقدم على شرف المعنى أو العكس ، فدائما الحياة بكل حراكها تعيش على توازنات، فالإبداع القولي يحفظ التوازن بين هذين الشرطين، شرف اللفظ وشرف المعنى.