تقف امام المشاريع الصغيرة والمتوسطة معوقات دون قيامها بدورها في الاقتصاد، وخاصة في حركة الأعمال والتجارة، وباعتبارها المجال الأوسع لتوليد فرص العمل بما يساهم في تقليص معدلات البطالة؛ حيث إنها توظف نحو 80% من الأيدي العاملة.وعلى الرغم من أن المملكة بدأت منذ 3 سنوات خطوات لإعادة هيكلة ومساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي تستحوذ على نحو 90% من المنشآت العاملة في البلاد، وتمثل 38% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن هذا التحرك يراه اقتصاديون بطيئا، مقارنة بالنمو الاقتصادي الذي تشهده السعودية. وحدد عدد من الخبراء جزءاً من هذه المعوقات التي تواجهها تلك المشاريع، يأتي في مقدمتها التمويل والإدارة الداخلية والتسويق. ويقول الاقتصاديون “إن التمويل يمثل المشكلة الرئيسية للمشاريع الصغيرة، خاصة أن قنوات التمويل المتاحة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، وتقتصر على صندوق المئوية، وبنك التسليف والادخار السعودي، إلى جانب برنامج “كفالة” الذي يقدم ضمانا للقروض فقط، فيما يعد برنامج عبد اللطيف جميل لدعم المشاريع الصغيرة أبرز جهات القطاع الخاص الداعمة لتلك المشاريع”. وتعد المنشآت الصغيرة والمتوسطة هي السمة العامة لهيكل الاقتصاد السعودي؛ حيث فاق عدد المنشآت التجارية المرخص لها من قبل وزارة التجارة والصناعة حتى منتصف عام 2007، قرابة 700 ألف منشأة تجارية وتمثل المؤسسات الفردية ما نسبته 95% من إجمالي عدد السجلات التجارية. وتمثل المصانع التي تقل استثماراتها عن 5 ملايين ريال 43% من المشاريع الصناعية، فيما تمثل المصانع التي تتراوح استثماراتها بين 5 و 20 مليون ريال 47%، مما يعني أن المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة تمثل 90% من إجمالي المؤسسات الصناعية. من جانبه قال عضو مجلس إدارة غرفة الرياض ورئيس مركز تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة فهد الحمادي “إن المرحلة المقبلة أمام تلك المنشآت تختلف عما قبل انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية، وهو ما يتطلب تهيئة القطاعات الاقتصادية في البلاد على المستويين الخاص والعام”. وأضاف الحمادي ان أهم المشاكل التي تواجه المنشآت الصغيرة تتمثل في ضعف التمويل، وإصدار التأشيرات، وغياب العمالة الماهرة، ومشاكل العمل وتوظيف السعوديين، علاوة على مشاكل المنافسة والتقليد والتسويق والتستر.وحذر من أن المشاكل التي تواجهها تلك المشاريع قد تؤدي إلى انقراض المؤسسات الصغيرة؛ حيث توضح الدراسات أن 80% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الرياض المعروضة للبيع تتراوح أعمارها التجارية بين سنة وثلاث سنوات. وأوضح أن المؤسسات التي تمول المشاريع الصغيرة لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، والجهة الأولى هو صندوق المئوية وهو مؤسسة حكومية غير ربحية تدعم المشاريع الصغيرة وتقدم خدمات التمويل الكلي أو الجزئي للمشروع، ويقدم لأصحاب المشاريع قروضا حسنة تراوح بين 50 و200 ألف ريال، وبدأ بالإقراض فعليا في عام 2005، وقدم الدعم المالي لنحو 28 مشروعا وتجاوزت قيمة القروض المقدمة 3 ملايين ريال. ويتلقى الصندوق تمويله من الهبات التي تأتي من البنوك ورجال الأعمال السعوديين والتي بلغت حتى الآن نحو 100 مليون ريال. وأشار إلى برنامج “كفالة” التابع لصندوق التنمية الصناعي، ويقوم “كفالة” بدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال ضمان المشاريع في سداد القروض وتغطية نسبة من مخاطر البنك في حال إخفاق المقترض الصغير في سداد التمويل أو جزء منه. وتابع أن من الجهات التمويلية برنامج عبد اللطيف جميل لتمويل المشاريع الصغيرة، وهو أحد برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع، ويستهدف الشباب والشابات الذين يفتقرون إلى مصادر الدعم اللازمة للبدء في مشاريعهم، كما توجد مراكز متخصصة لدعم وتطوير المشاريع الصغيرة في الغرف التجارية الصناعية في السعودية. كما قال رئيس مجلس إدارة شركة دار الاستشاريين السعودية د. راشد بن عبد الله العبودي “إن المنشآت الصغيرة بحاجة إلى هيئة عليا تعتني بشؤونها وتزيد من فاعليتها، وتقوم هذه الهيئة بعدة مهام من أبرزها تسهيل عمل هذه المنشآت وتوفير مصادر الدعم والتمويل والتدريب واحتضان الأعمال الناشئة”. وأوضح العبودي أن هذه المنشآت تعاني من معوقات ومشاكل تمويلية وتنظيمية كثيرة، مبينا أنه يجب مساندتها وتنظيم أعمالها. وأشار إلى أن كثيرا من المشاريع الصغيرة تبدأ نشاطها بدون إعداد دراسات جدوى اقتصادية للمشروع؛ إذ يبدأ حوالي 60% منها بدون تلك الدراسات، كما أن 80% منها تفتقر إلى أساسيات التخطيط، وتعاني من مشاكل في التسويق والتمويل، وتقوم بإبرام العقود والصفقات دون استشارة خبراء قانونيين، و82% منها عليها ديون مستحقة متراكمة لدى الغير. واعتبر أن أهم المعوقات التي تواجه المنشآت المتوسطة والصغيرة الصعوبات التمويلية، ولذلك فمن المطلوب إيجاد قنوات تمويل مناسبة تدعم تلك المشاريع.