قبل أن أرتب أوراقي وأدون كلماتي على صفحاتي واترك العنان لشفتي لتبتسما بقدوم ليلة العيد بدت تتراءى أمامي ذكريات لشخوص كانوا بالأمس مجاورين لنا قريبين منا يجيبون أسئلتي ويطرحون مناقشاتهم جلست معهم وجلسوا معي سرنا على طريق واحد يداً بيد لم تفرقنا كلمات صاغها البعض من المرتزقة ولم تبعدنا صيحات نطقها الباحثون عن المال والجاه . تجاورنا فوق ثرى الأرض الطاهرة مكةالمكرمة وتجولنا بين جبالها وبطحاها سنوات لم يعينا التعب ولم يوقفنا العطش عن مواصلة السير لأننا كنا واثقين بان الوصول إلى الهدف بقلوب نقية هو غايتنا جميعا . أولئك هم من رحلوا من دنيا الفناء إلى حيث الخلود والبقاء من آباء وأهل وأصدقاء كانوا ناصحين مرشدين مقومين لأخطائنا متابعين لخطواتنا . لكنهم فجأة وبدون مقدمات تركونا وحدنا في الطريق نسير بالبراري دون دليل يرشدنا أو ناصح يبث كلماته من قلب نقي صافي . فوجدنا من حولنا البعض ممن يظهرون ابتساماتهم بقلوب مغلفة بحقد وحسد وكراهية هدفهم ليس النصح والإرشاد والدعم والمؤازرة بقدر ماهو النيل منا بكلمات أو أفعال تؤكد أنهم غير مدركين لمن تعاملنا معهم من قبل . فكيف سيكون عيدنا اليوم بعد ان غادر دنيانا أولئك الراشدون الصادقون ؟ . ان كان عيد الفطر المبارك قد حل اليوم بعد صيام شهر رمضان المبارك ليكون فرحة لنا كمسلمين نشكر فيها ربنا على نعمة الصيام باحثين عن الجائزة من رب العباد بعد أيام مضت صبرنا فيها على الجوع والعطش نهارا لكن أبرز جائزة ينالها المسلم تبدو متمثلة في العطف على الفقراء والمحتاجين في مثل هذا اليوم فكما نريد أبناءنا يفرحون بابتسامة العيد وملابسهم الجديدة فعلينا أن نمنح أولئك المحتاجين أيضا فرصة ليفرح أبناؤهم. . وعلينا أن نتذكر ساعة الرحيل لندرك حينها كم نحن محتاجون لدعوة صادقة تنطلق من حنجرة فقير ستكون منقذة لنا من عذاب القبر وظلمته وضيقه . إن العيد فرحة فمن سيشتري الفرحة اليوم بابتسامته للآخرين ويجني ربحها يوم لاينفع مال ولا بنون ؟ . عن أنس رضي الله عنه قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : “ ما هذان اليومان ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى ، ويوم الفطر “ أخرجه أحمد بسند صحيح .ومن آداب العيد التهنئة المتبادلة بين الناس فعن جبير بن نفير ، قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض ، تُقُبِّل منا ومنك . قال ابن حجر : إسناده حسن . الفتح 2/446. وإحياء ليلة العيد بها بركة وبها أجر أعظم عن أبي أمامه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال ( من قام ليلتي العيدين محتسباً لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ) رواه ابن ماجة. وروي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة : ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان ) قال الحافظ عبدالعظيم : رواه الأصبهاني ، فأحيوا ليلة العيد لكي تكسبوا الجنة ورضا الله عزوجل منح لنا فرصا كثيرة ويسرها ولم يعسرها إن الدين يسر وليس بعسر.