كان الدكتور ماجد الحربي مديراً عاماً للمدارس السعودية في موسكو قبل سبع سنوات ، لم يغب ذكره هنا ، لأنّ مواقفه كثيرة، وإنسانيته بلغت درجة التغنّي بها، لم يكن يدرك أنّ هنا من يأتي اليوم بعد كلّ هذه السنين ليشكر له فعله،ويقف منصفاً له يستذكر بعض لحظات تلك الأيام الجميلة والعابرة،ذاكراً له عمله ، وشاكراً له فضله . هنا في موسكو أناس كثيرون يدركون قيمة أن تكون مسؤولاً ، وإنساناً ، وصاحب رأي ، ويدركون أيضاً أنّ العمل التربوي يمضي وفيه عتب وغضب ، فرح وسرور ، لكنّ الغاية اختلاف بغية الكمال ، وعتب بغية المصلحة ، وفرح ينعم من خلاله الجميع بإنجاز يُفْرح ، وحضور يُشرّف . ما زالت صوره تأخذ مكانها الأنسب في ردهات وممرّات المدارس السعودية في موسكو، إذ يحتفظ له المكان والنّاس بذكريات جميلة ، وأعمال تربويّة وتعليميّة خلاّقة . في سؤالنا عنه قال لنا رجل هنا ما زال يتذكره بمواقفه الإنسانيّة الكثيرة : “ أعتقد أنّه من الصّعب أن تذكر موقف واحد لإنسان حياته كلّها مواقف إنسانيّة قد تعجز صفحات هذه المجلّة أن تحتوي مواقف رجل مثل ماجد الحربي ، فقد كان ماجداً في إدارته ، وحربيّاً في دفاعه ومساندته لإخوته وزملائه “ ويتذكره بموقف إنسانيّ لم ينسه بقوله : “ لن أنسى ما حييت عندما استدعاني إلى مكتبه وبشّرني برحلة إلى الديار المقدّسة؛لأداء فريضة الحجّ أنا وزوجتي ، حيث كتب الله لنا الحجّ على يديه “ . فيما يذكره رجل آخر هنا بموقف إنسانيّ آخر لايقلّ في إنسانيّته الجميلة عن الموقف السابق ، إذ يقول : “ ما زلت أتذكر إلى اليوم دموعه المنهمرة كالطّفل البريء أمام الجميع ، حين تذكر أباه في حفلة دفاعه عن رسالة الدكتوراة ، وكان يتمنّى لو عاش ليفرح بهذا اليوم ، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على الطابع الإنسانيّ في داخل هذا الرجل الرائع “ . فيما يرى آخر كان رفيق درب ، وزميل عمل أنّ ثلاث سنوات التي كان فيها “ ماجد الحربي “ مديراً للمدارس السعودية في موسكو،إذ يعتقد أنّ الرّجل ارتبط اسمه بالمدارس السعودية في موسكو ، وارتبط اسمها به ، فقد استطاع بحسب قوله أن يرضي الجميع بأخلاقه الفاضلة ، وابتسامته التي لا تكاد تفارقه “ . وينظر رجل آخر أدرك مكانة الحربي التعليميّة في وقت عصيب كما يقول فقد كانت الثقافة العربيّة محتاجة لمثل هذا الرجل،إذ كانت له اليد البيضاء في نشر الثقافة العربيّة في فترة الانفتاح التي شهدها الاتحاد السوفييتي وظهور روسيا الاتحادية بالمهرجانات الثقافية ونشر الكتب التي طبعت باللغتين العربية والروسية من خلال جهوده الكبيرة في وصل المدارس السعودية بالمحيطين من حولها . وهو هنا بعد كلّ هذا العمل التربوي والتعليمي الجميل، يؤكّد ما كتبه فيه شاعر المدارس “ خالد الخشان “ ذات يوم ، بقوله : تسعى حثيثاً ليَحْلُو سَعْيُكَ الحَسَنُ فما ونى فِيْكَ لا قَلْبٌ ولاَ بَدَنُ واخترت أصعبَ ما تشقى الرّجالُ به والمرءُ بالصّعبِ لا بالسّهلِ يُمْتَحَنُ