قبل أن أدلف إلى رواق مدارس الفلاح بمكةالمكرمة متقدما بطلب لتسجيل ابني صالح بها تذكرت ذلك المبنى القابع بحي الشبيكة قبل إزالته والذي كثيرا ما كنت أمر أمامه أثناء توجهي من السوق الصغير إلى ميدان الشبيكة فحارة الباب . وحينما حانت الفرصة لتسجيل ابني “ صالح “ كطالب بالمرحلة الابتدائية كانت الفلاح قد انتقلت إلى ساحة إسلام بمبنى جديد بعد إزالة مبناها السابق . ومع دخولي لأول مرة لمبنى هذه المدارس التي تجمع المراحل الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية تذكرت أحلامي بالدخول لمبناها قبل عقود مضت وتوقفت أمام ما دونته الكتب والمراجع عن نشأتها ومعلميها وإدارتها . ويومها تذكرت الكثير من معلميها ومنهم السيد / إسحاق عزوز الذي قيل أنه لم يكن معلما ولا مديرا بقدر ماكان مربيا وناصحا وحكيما فكل طالب داخل أروقة المدارس يعد ابنا من أبنائه ينصحه بالين فان لم يستجيب يعاقبه ليدرك أنه على خطأ . ولم يكن أولياء أمور الطلاب كما هو حال بعضهم اليوم يغضبون أو ينفرون ابنهم من المدرسة لأنه عوقب بل كانوا أكثر حرصا على معاقبته ليتعلم ويتهذب . واستطاع السيد / إسحاق عزوز رحمه الله من خلال خبراته الطويلة كمعلم ثم مدير ثم ناظرا لمدارس الفلاح أن يترك بصمات واضحة في مسيرة مدارس الفلاح والتعليم في مكةالمكرمة. والسيد / إسحاق عزوز هو إسحاق عقيل هاشم بن محمد بن هاشم عزوز ولد في مكةالمكرمة في شهر ربيع الأول عام 1330 ه في أسرة بسيطة سكنت حي الشامية ثم انتقلت إلى حي الفلق والتحق بمدارس الفلاح كطالب ويتخرج منها في عام 1347 ه . وأمام نبوغه العلمي كان من أوائل الطلاب المعينين للتدريس بالفلاح في أوائل عام 1348 ه . غير أن استمراره بالتدريس لم يدم طويلا إذ سرعان ما عاد لمقاعد الدراسة مجددا وفي نفس العام كطالب مبتعث بمدينة بومباي الهندية ضمن عشرين طالبا ابتعثتهم مدارس الفلاح بمكةالمكرمةوجدة لمواصلة تعليمهم بالهند على نفقة مؤسس الفلاح الشيخ / محمد علي زينل لتلقي العلوم الشرعية العالية. وفي عام 1352 ه عادت البعثة الطلابية ومن بينهم السيد / إسحاق عزوز رحمه الله الذي استطاع أن يتعلم علوما ونشاطات أخرى منها علم الرياضة البدنية ونشاط الكشافة حيث عين مدرسا بمدرسة الفلاح بمكةالمكرمة وفي عام 1359 ه عين مفتشا بمديرية المعارف ليعين بعدها في عام 1356 ه مديرا لمدرسة تحضير البعثات بمكةالمكرمة . ورغم أهمية مدرسة تحضير البعثات بمكةالمكرمة للطلاب وأولياء أمورهم ومكانة مديرها في المجتمع إلا أن السيد / إسحاق عزوز رحمه الله فضل أن يعود لأروقة مدرسة الفلاح ليعين مديرا لها عام 1362 ه توفي عام 1415 ه بمكةالمكرمة ودفن بمقابر البقيع بالمدينة المنورة بناء على وصيته.