لا يشك أحد من العارفين بصيرورة الاحداث التي تصنع التاريخ أن تخمد وتذوب هذه الأحداث مهما حاول البعض تجاهل مسيرة الحياة بما تحمل عبر الأزمان من مسلمات باقية في ذاكرة التاريخ الذي يعود مرات عديدة ضمن حقيقة المصداقية لأن التاريخ لا يموت انما يعود حتى لو تم تحجيمه وتجاوزه في أزمنة وأمكنة معينة ويظهر حقائق واضحة تكذب من حاول طمسه في ظل الجهل والأغراض الاخرى التي منها حب الظهور وصنع أمجاد زائفة على حساب حقائق التاريخ الثابتة وبذلك لابد من ظهور المارد القوي لفضح المتطاولين على الحق المسجل في البداية بثوابته وحقائقه الواضحة دون تزييف وبهذا نجد التاريخ لا يموت لأن ذاكرته قوية تجرف امامها كل عوامل الطمس والتجاهل ويسير التاريخ مارداً لا يرد مساره احد والحق يبقى مقبولاً والباطل يزول مهما عمل من اجله حتى لا يأخذ طريقه للبقاء والاستمرار ويظهر الحق وان حُجِّم لا قدر الله. هذا مدخل لمعرفة ما يحدث في تشويه بعض الحقائق التاريخية في هذا الزمن الرديء الذي ظهر فيه من يقدم نفسه مؤلف من اجل الظهور والسير على مبدأ (خالف تعرف) وتقديم معلومات سطحية لا تخدم الفكر والبحث العلمي الجاد وهذا ما يحدث بعد رحيل رواد التاريخ في بلادنا الذين لهم الباع الطويل واليد الطولى في اثبات قول الحق دون غيره ولعل هؤلاء المؤلفين الجدد يتأثرون ويدرسون كتب حمد الجاسر وعبدالقدوس الانصاري والجنيدل والعبودي والسنوسي والسباعي وغيرهم ويعرفون المنهج العلمي الذي ساروا عليه في التأليف فقد يجدوا في ذلك ما يفيدهم اذا ارادوا التأليف والبحث لخدمة التاريخ بحق وحقيقة هذا ما اردت الاشارة اليه هنا بغرض سليم من اجل الحق والحقيقة فقط والامانة العلمية. بعد الاطلاع على كتاب الصديق العزيز عيسى القصير المعنون (أحلى اللطائف في منتجع الطائف) والذي صدر ضمن مطبوعات ادارة النشر بجامعة الطائف في حوالي 380 صفحة من القطع المتوسط هذا العام 1431ه وقد قسمه الى ستة فصول ويعلم الله انني أعتز بالسيد عيسى وبما يعمله من اجل مدينتي ومدينته الطائف المأنوس وعندما اكتب هذه السطور عن كتابه هذا لا يعني انني أحمل عليه حقداً أو غيره انما اردت اثبات حقائق ارى من الواجب على المؤرخ المختص عدم السكوت عنها وفي نفس الوقت اكتب ذلك من اجل الحرص على تاريخنا بصفة عامة وتصويب الاخطاء التي وردت في الكتاب بغرض استفادة المؤلف منها واصلاحها في الطبعة القادمة لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه (والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية) وسوف اتطرق هنا لمحورين لمناقشة ما ورد في كتاب أخي عيسى المحور الاول يشمل الاخطاء التاريخية في تاريخ الطائف والمحور الثاني يمثل المنهج العلمي الذي ورد في الكتاب. والى الحلقة القادمة.