اذا كان دافيد فيا سجل هدف فوز منتخب بلاده اسبانيا في مرمى البارغواي (1-صفر) وقاده الى الدور نصف النهائي للمرة الاولى منذ عام 1950، فان الفضل الاكبر يعود الى قائده حارس المرمى ايكر كاسياس الذي اخرج كل ما في جعبته في لحظتين حاسمتين في الدور ربع النهائي على ملعب ايليس بارك في جوهانسبورغ. تألق كاسياس ليس بالغريب على “سد منيع” مثله خصوصا وانه بين افضل حراس المرمى في العالم في السنوات الاخيرة، لكنه ابان عن قدراته الخارقة بتصديه بارتماءة انتحارية لركلة جزاء اوسكار كاردوزو في الدقيقة 58 لو سجلها مهاجم بنفيكا البرتغالي لتحولت مجريات اللعب بشكل كبير وازدادت مهمة ابطال اوروبا صعوبة في تحقيق الفوز الذي بحثوا عنه منذ الدقيقة الاولى دون جدوى. وعلق كاسياس على لحظة ركلة الجزاء قائلا “كنت عصبيا خلال الركلة التي احتسبها الحكم للبارغواي، كانت مسؤولية كبيرة على عاتقي!، مضيفا “ما حدث في ركلة الجزاء أمر عرضي، لقد حالفني الحظ واستطعت التصدي لها. لقد قررت الإرتماء في هذه الزاوية بفضل نصائح بيبي رينا قبل المباراة، إذ قال لي أن كاردوزو اعتاد التسديد نحو الجهة اليمنى وبقوة عند ضربات الجزاء. لقد نجحت في التصدي للركلة بفضل الحدس والحظ ومساعدة رفيقي”.لكن حارس مرمى ليفربول الانكليزي رينا علق على كلام كاسياس بابتسامة عريضة وقال: “يعود الفضل له، لأنه من تصدى لركلة الجزاء. لا أعلم إن كنت قد ساعدته أو أدخلت الحيرة إلى قلبه. لقد تحدثت معه في هذا الأمر لأن كاردوزو سدد ضدي ركلة جزاء بهذا النحو في مباراة ضد بنفيكا” في اشارة الى مواجهة الفريقين في مسابقة يوروبا ليغ هذا الموسم. ورغم تواضع كاسياس، وادعائه بأن التصدي لركلة الجزاء أمر “عرضي”، إلا أنه حقق بهذه المناسبة إنجازا تاريخيا غير مسبوق. حيث أصبح أول حارس مرمى يتمكن من صد ركلتي جزاء في دورتين مختلفتين من نهائيات كأس العالم، بعدما تصدى لركلة جزاء ضد جمهورية ايرلندا في ثمن نهائي مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002. لم تتوقف براعة كاسياس عند هذا الحد، بل أنقذ مرماه من هدف التعادل في مناسبتين في مدى ثانيتين بردة فعل رائعة حيث تصدى في الوهلة الاولى لتسديدة قوية لمهاجم بوروسيا دورتموند الالماني لوكاس باريوس من داخل المنطقة فارتدت منه الى مهاجم مانشستر سيتي الانكليزي روكي سانتا كروز غير المراقب داخل المنطقة فاطلقها قوية بيمناه لكن شجاعة كاسياس كانت اقوى وابعد الكرة بقدمه اليمنى الى ركنية (88). واضاف كاسياس “كانت المباراة صعبة جدا لكن ذلك كان طبيعيا لاننا كنا نخوض الدور ربع النهائي. أعتقد انه كان بامكاننا اللعب بطريقة افضل لكن الاهم في النهاية هو اننا تأهلنا الى دور الاربعة”. واشاد مهاجم ليفربول فرناندو توريس بكاسياس قائلا “نملك لاعبين من الطراز الرفيع في جميع الخطوط، لكن هذا اليوم هو يوم كاسياس بلا منازع، ولاشك أنه يستحق كل الإشادة والتنويه”، وحذا حذوه المدافع كارلوس مارشينا، بديل كارليس بويول في اواخر الشوط الثاني، وقال: “لدينا الثقة التامة في كاسياس، لأنه حارس ممتاز، وقد أثبت هذا الأمر مجددا في مباراة البارغواي”. من جهته، اكد هداف “فوريا روخا” ان كاسياس كان سدا منيعا كعادته، وقال “لقد أنقذنا كثيرا، وسينقذنا في المستقبل”، فيما قال مدافع برشلونة جيرار بيكيه الذي تسبب بركلة الجزاء اثر اعاقته كاردوزو داخل المنطقة: “يمكن الإعتماد على إيكر دائما، كما أن اللعب بجواره شرف عظيم”. اما اندريس انييستا صانع هدف الفوز فقال “لطالما قدم لنا إيكر يد العون عندما نكون في الحاجة إليه”. أسكت كاسياس منتقديه الذين لم يرحموه منذ مسؤوليته في الهدف الذي خسرت به اسبانيا المباراة الاولى امام سويسرا موجهين الاتهام الى صديقته المعلقة في التلفزيون الاسباني التي شتت تركيزه بتواجدها في الملعب واخذها تصريحات منه خلال فترة الاحماء. لم يعر كاسياس الذي دخل مرماه هدفان فقط حتى الان (هدف تشيلي 1-2 في ثمن النهائي)، اي اهتمام للانتقادات وواصل تركيزه وابداعه في المباريات على غرار مسيرته مع فوريا روخا في كأس اوروبا عام 2008 عندما ساهم بقيادته الى احراز اللقب واختير افضل حارس مرمى في البطولة، وكذلك صفوف ناديه الملكي الذي نشأ في صفوفه وخاض معه حتى الان 518 مباراة منذ 1999 حيث يعتبر اكثر حارس مرمى خوضا للمباريات في تاريخ ريال مدريد وهو توج معه خلالها بلقب مسابقة دوري ابطال اوروبا مرتين عامي 2000 و2002 والكأس السوبر الاوروبية عام 2002 والكأس القارية “انتركونتيننتال” عام 2002 والدوري المحلي اعوام 2001 و2003 و2007 و2008 والكأس السوبر المحلية اعوام 2001 و2003 و2008، وكأس سانتياغو برنابيو اعوام 2000 و2003 و2005 و2006 و2007 و2008. واعتبر كاسياس بان الفوز على البارغواي سيفتح صفحة جديدة للكرة الاسبانية التي لم تحقق اي انجاز على الصعيد العالمي. وكانت افضل نتيجة حققتها اسبانيا حلولها رابعة في مونديال 1950 في البرازيل، وهي فشلت في احراز اللقب العالمي حتى في البطولة التي استضافتها عام 1982. وامل كاسياس ان يضع منتخب بلاده حدا لنحس لازمه 60 عاما وقال في هذا الصدد: “نحن امة عريقة في كرة القدم، لكن لاسباب مختلفة لم يحالفنا الحظ على الصعيد العالمي”. واضاف “في بعض الاحيان لم نكن محظوظين بقرارات التحكيم” في اشارة الى خروج منتخب اسبانيا على يد كوريا الجنوبية في ربع نهائي نسخة 2002 عندما سجل المنتخب الاسباني هدفا صحيحا لم يحتسبه الحكم المصري جمال الغندور، بعد استشارة حامل الراية، لانه اعتبر بان الكرة التي جاء منها الهدف الاسباني كانت اجتازت خط الملعب قبل ان يمررها احد اللاعبين. وخرجت اسبانيا في تلك المباراة بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الاصلي والاضافي بالتعادل السلبي. وتابع “يبدو ان سوء الحظ يلازم المنتخب الاسباني في المحافل الدولية، لكن علينا ان نضع حدا لهذا النحس الذي لازمنا طويلا ونتأهل الى النهائي ونلعب بمستوانا الحقيقي”. واوضح “لطالما خضنا نهائيات كأس العالم من اجل ان نحقق شيئا وليس فقط لمجرد المشاركة، وامل ان تكون مشاركتنا الحالية ناجحة بجميع المقاييس”.