أكد عدد من أساتذة وعلماء الآثار على الأهمية البالغة لمعرض (روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور) الذي سينظم في متحف اللوفر بباريس والمقرر افتتاحه يوم 12 يوليو 2010م ، ودوره في إبراز البعد التاريخي والحضاري للمملكة وتعريف العالم بالآثار وما تزخر به المملكة من إرث كبير قامت عليه ثقافتها التي أسهمت في التاريخ البشري. وأشاروا إلى أن إقامة هذا المعرض في أشهر متاحف العالم وفي وقت ذروة عدد زواره سيسهم بشكل بارز في إعطاء الصورة الحقيقية لمكانة المملكة التاريخية وقيمة ما تزخر به من مواقع أثرية بالإضافة إلى إسهاماتها الحضارية والإنسانية. فقد لفت عضو هيئة التدريس بكلية السياحة والآثار في جامعة الملك سعود عضو اللجنة الاستشارية للآثار الدكتور احمد بن عمر الزيلعي إلى أن أهمية هذا المعرض تأتي من أن كثيرين لا يعرفون أن المملكة تضم من المواقع التاريخية والمعطيات الأثرية وتنوعها وامتدادها على مختلف الحقب التاريخية ما لا يتوفر لكثير من بلدان العالم، وهو ما سيُبرزه هذا المعرض ودوره في التعريف بالمملكة. ودعا إلى أن تتبع هذه الخطوة خطوات مماثلة بإقامته في مختلف دول العالم وفي المتاحف العالمية الأخرى كالمتحف البريطاني بلندن ومتحف المتروبوليتان بنيويورك ومتحف الهرميتاج بموسكو وغيرها، وهو تقليد صار عالمياً، نظراً لما لهذه المعارض من أهداف نبيلة وبعيدة المدى في التعريف بمنجزات البلدان التي تقيمها وما حققته البشرية على ترابها من تقدم حضاري وإنساني مميز. كما رأى عضو اللجنة الاستشارية للآثار والمتاحف الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري أن هذا المعرض يمثل خطوة مباركة توضح للعالم نوعية المعثورات التي تبين أهمية التبادل الحضاري بين الجزيرة العربية والعالم القديم منذ آلاف السنين وأماكن التراث العمراني بالمملكة وما تزخر به من ارث حضاري، وستكون له آثار وثمار طيبة، كما يبرز جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان في العناية بالآثار والتراث وحرصه على إبراز الوجه الحضاري للمملكة. وأكد أن هذه الخطوة كانت ضرورية مع ما تتبوأ المملكة اليوم من مكانة دولية وحضارية توجب على أهلها التعريف بما تحويه من كنوز تمتد إلى عصور سحيقة، متوقعا أن يشهد المعرض إقبالاً هائلا لحرص فئات المجتمع الدولي على التعرف على المملكة بصورة اشمل وأوضح. وفيما يخص اختيار متحف اللوفر، قال الدكتور الأنصاري (لا يخفى علينا ما يحظى به اللوفر من مكانة وأهمية عالمية، إذ يعد من اعرق المتاحف في العالم وأقدمها ما سيوفر مكاناً مناسباً لما تسعى إليه هيئة السياحة والآثار من التعريف بآثارنا)، مشدداً على أن هذا المتحف هو أحد دلائل النهضة المتنوعة التي تشهدها المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -واهتمامه بالتواصل بين الحضارات والثقافات المختلفة وبين أمم وشعوب العالم. كما أوضح مدير عام مركز الأبحاث والتنقيبات الأثرية في الهيئة العامة للسياحة والآثار رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للدراسات الأثرية، أستاذ الآثار والتاريخ القديم في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز بن جارالله الغزي أن المعرض من أهم الوسائل الحديثة في التعريف بالمملكة العربية السعودية وماضيها العريق، وهو عمل ضخم في الاستعداد له ومتطلباته ومعروضاته، حيث تشمل معروضاته عدداً كبيراً من القطع الأثرية الأصلية التي اكتشفت من خلال العمل الأثري الميداني المنظم في مواقع تنتشر في أرجاء المملكة العربية السعودية وتمثل فترات زمنية مختلفة تبدأ بالعصور الحجرية الموغلة في القدم وتستمر حتى يومنا الحاضر، كما تتنوع هذه المعروضات لتشمل مناشط حياة الإنسان جميعها مثل الأدوات الحجرية، والفنون، والنسيج، والفخار، والكتابات، والمسارج، والمجامر، والمصنوعات المعدنية، وأدوات الزينة، والأحجار الكريمة، والمشغولات الذهبية، والنصوص المكتوبة، والأسلحة المعدنية، وغيرها من القطع. وأفاد أن العدد الكبير للقطع الأثرية المعروضة الذي يزيد على أربعمائة وخمسين قطعة، يكفي لإقامة متحف مستقل، وأنه سيقام في متحف من أعرق المتاحف في العالم وأشهرها. وأشار إلى التوقيت الذكي والموفق لإقامة المتحف تزامناً مع بدء الإجازة وأن شرائح زوار المعرض سوف يكون من المعلمين الذين سوف ينقلون ما يرون إلى طلابهم، والعلماء الذين سوف يدونون في كتبهم وأبحاثهم ما يرون، والساسة الذين سوف يتحدثون بالانطباع مما شاهدوه، والأطباء والطلاب والأدباء والمؤرخين الذين سوف يرسمون في كتب التاريخ ما يشاهدون ويحولون الأثر المادي إلى خبر تاريخ مقروء على مر الأِزمنة. وثمن الدكتور الغزي اختيار اللوفر لإبراز الوجه الحضاري للمملكة، قائلاً (اختيار اللوفر اختيار في غاية الذكاء والوعي والإدراك للنظرة المستقبلية، فهو أشهر متحف في العالم في الوقت الحالي، كما انه مقترن بأحد أشهر ملوك فرنسا خلال القرن الثامن عشر الميلادي، ويقع في قلب عاصمة من أرقى العواصم الثقافية الأوروبية وأشهرها).