تعتبر المملكة العربية السعودية من أهم المحطات التي سيزورها ديك تشيني في جولته الحالية للمنطقة، وتأتي هذه الأهمية من أهمية الملفات التي سيتطرق إليها نائب الرئيس الأمريكي ومن أهمية دور المملكة وثقلها وتأثيرها في مجريات الأحداث ووضوح خطابها السياسي بشأن قضايا أمتها العربية والإسلامية. كما أن جولة تشيني هذه تأتي بعد جولة سابقة قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس للمنطقة ولكنها لم تحقق شيئاً ملموساً تجاه ما وعد به الرئيس الأمريكي جورج بوش بشأن عملية السلام في المنطقة. إذن يفترض أن تكون هذه الزيارة التي يقوم بها تشيني حالياً أكثر تحريكاً لعملية السلام ولما سبق أن وعد به الرئيس بوش من تحقيق لقيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية متجاورتين تعيشان بسلام قبل انتهاء ولايته الحالية. وموجهات السلام على الصعيد العربي واضحة وهي موجهات كانت في أصلها مقترحات لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتبنتها قمة بيروت العربية فأصبحت مبادرة عربية للسلام، وهذه المبادرة لازالت المعتمدة عربياً وتعبر بقوة عن الرغبة العربية في السلام. ونأمل أن تكون زيارة تشيني تحمل موقفاً أمريكياً ايجابياً من هذه المبادرة التي تقوم في أساسها على مبادئ الشرعية الدولية واستصحاب قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي عموماً. ومن شأن موقف أمريكي ايجابي تجاه مبادرة السلام أن يحرك عملية السلام من عقالها ويجدد الأمل لدى شعوب المنطقة التي تتطلع دوماً إلى سلام عادل وشامل يعيد كافة الحقوق العربية المسلوبة ويضمن استقراراً وأمناً دائماً في المنطقة التي يرتبط الاستقرار العالمي بها إلى درجة كبيرة. والموقف الأمريكي المطلوب هو الموقف الذي يعيد اسرائيل إلى صوابها لتتعامل بجدية مع ماهو مطروح حتى تجد بعد ذلك اليد العربية ممدودة بالسلام، وعلى أمريكا أن تمارس الدور الضاغط على اسرائيل فمتى ما خضعت اسرائيل لخيارات السلام ففي ذلك مصلحة المنطقة، أما إذا ما تمادت إسرائيل في غطرستها واستمرت في إشكال الحروب في غزة والضفة وفي قتل الأبرياء والأطفال فلن يكون هناك استقرار. فهل تستطيع جولة تشيني أن تحقق شيئاً ملموساً تجاه السلام بعد أن فشلت جولات سابقة في إجبار اسرائيل على الاحتكام إلى لغة السلام.