أنهت مؤسسة التراث، ترميم وتأهيل مسجد الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد، بقرية طبب في منطقة عسير، الذي يعد أحد أقدم المساجد التاريخية في المنطقة، وأحد معالمها التراثية والتاريخية، حيث تأسس عام 1221ه (1800م)، عندما أمر ببنائه الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد، في قرية طبب القريبة من مدينة أبها ليكون طوال 210 أعوام، منارة للعلم، ومنهلاً لتعليم القرآن الكريم وعلوم الدين، والقراءة والكتابة. وأوضح الدكتور زاهر عبد الرحمن عثمان مدير عام مؤسسة التراث، أن المشروع الذي أقيم على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، تضمن إجراء دراسة توثيقية علمية للوقوف على تاريخ هذه المعلم، وتحديد طابعه المعماري والمواد المستخدمة في تشييده، وتحديد الأسلوب الأمثل لترميم المبنى من الناحية الإنشائية، ومعالجة العيوب والانهيارات في أجزاءه، تمهيداً لإعادته إلى شكله الأصلي الذي كان عليه عند بنائه. واستخدمت مؤسسة التراث في أعمال الترميم التي استغرقت ثلاثة أعوام، مجموعة من أساليب البناء التقليدية، مع توظيف تقنيات وأنظمة البناء الحديثة، ليجمع المبنى بعد اكتمال ترميمه بين صورته التراثية، وخدماته العصرية. كما اشتمل المشروع، على إضافة مجموعة من المرافق للمسجد بعد عمليات التأهيل، شملت: مدرسة تحفيظ القرآن الكريم، وسكن الإمام، ومغسلة الموتى، ودورات المياه، ومواقف السيارات، فضلاً عن فرش المسجد وتأثيثه وتجهيزه بالمتطلبات الأساسية التي تتلائم مع مكانته على اعتباره أحد المعالم التراثية النادرة في المملكة، فضلاً عن تأهيله ليمارس وظيفته الأساسية المتمثلة في كونه داراً للعبادة والتربية والمعرفة. وبين الدكتور زاهر، أن هذا المشروع، يأتي ضمن “البرنامج الوطني للعناية بالمساجد العتيقة” الذي تنفذه مؤسسة التراث تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وتضمن 61 مسجداً في مختلف مناطق المملكة، تتمتع جميعها بخصوصية تاريخية وعمرانية فريدة، وتعاني من التدهور ويتهددها الاندثار. وأوضح أن البرنامج انطلق من رصد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس مؤسسة التراث، لأوضاع العديد من المساجد التاريخية ذات الطابع العمراني المميز في المملكة، التي تختزن ذاكرة تمتد إلى عدة قرون، وتحتاج إلى عناية فائقة وإنقاذ سريع عبر إعادة ترميمها قبل أن تنهار وتصبح أثرًا بعد عين، وهو الأمر الذي يمثل خسارة فادحة للتراث الوطني للمملكة. وأشار مدير عام مؤسسة التراث، إلى أن البرنامج حظي بدعم ومساندة من القيادة في المملكة والعديد من المؤسسات العامة والخاصة والأفراد، اللذين ساهموا بتحمل بتكاليف الدراسات والترميم وإعادة التأهيل لعدد من بيوت الله، على اعتبارها أحد عناصر التراث الوطني التي لا يعد العناية بها والمحافظة عليها، ضرورة وطنية فقط، بل يتعدى ذلك إلى الأبعاد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، والأثر الإيجابي الذي يمتد تأثيرها إلى الأجيال المقبلة.