بات من المتعارف عليه عند بعض الأسر بأنّ أوقات الامتحانات ما هي إلاّ حالةٌ من القلق والذعر للطالب وأسرته, وفي تلك اللحظات يعلن الجميع حالة من الطوارئ في المنزل ,ويقوم الوالدان بمنع كل ما يتعلق بوسائل الترفيه من ألعاب الكترونية وحاسوب محمول وصولاً إلى التلفاز وكل ما يبثه بغثه وسمينه ,ويقوم ذلك الطالب بتلقي تلك الدروس الخصوصية ,وآخر بالبحث عن الملخصات العلمية لعلها تشفع له في يوم الامتحان ,فالجميع ما بين كرّ وفرّ ,والبيت قائمٌ على قدمٍ وساقٍ، وكل ذلك من أجل الاستعداد للحرب الضروس التي تسمى بالامتحانات. وربما زاد الطين بله على هذه الأسر توقيت المونديال المتزامن مع الامتحانات ,واعتقد أن الحصار سوف يزيد, والخناق سوف يبلغ أشده على هذا الطالب المسكين وهذه صورة مألوفة عند بعض الأسر, وأصبحت تتكرر تلقائياً سنوياً بدون بحث لهذه المشكلة وكأّنّها فرضت مع الامتحانات عليهم. في حين شيخنا المرحوم الطنطاوي يهون تلك المسألة على كلّ هؤلاء , ويرسم فترة الامتحانات بألوانٍ مختلفة عن غيره من الناس في كتابه (مع الناس) فهو يرى أنّه ليس من المعقول أن يصل كلّ من الطالب والأسرة إلى هذا الحد من القلق والتوتر ,وهذا الكم الهائل من المحظورات التي تفرض على الطلاب ,وتمنعه من ممارسة حياته بصورتها الطبيعية , فهو يرى بأنّ الطالب كاللاعب الرياضي المقبل على مباراة حاسمة ,فهل يعقل منه أن يكون متوتراً , ويسهر الساعات الطوال قبل مباراته بل إنه يأخذ قسطاً كبيراً من النوم والراحة ,ويغذي جسمه بكلّ ما هو مفيدٌ من طعامٍ وشرابٍ ,والطالب كذلك الآن بحاجةٍ إلى نومٍ مريحٍ ,وغذاءٍ مفيدٍ واسترخاءٍ يبعث الهدوء والسكينة على نفسه. وفي كتابه ينصح الطالب بأخذ راحة بعد عملية الاستذكار, وزيارة أحد من الأهل أو الأصدقاء ليلة الامتحان، وكلّ ذلك من أجل امتصاص التوتر وتقليله على نفسية الطالب , ففترة الامتحانات ما هي إلاّ محصلة لمجهود عام طويلٍ عليه. إذاً أيتها الأسر رفقاً بالأبناء , ولا تضيقوا عليهم ,واجعلوهم يعيشون امتحاناتهم بهدوءٍ واستمتاعٍ ,ولا ضير بمتابعة لبعض مجريات المباريات بدون إفراط ولا تفريط , وذلك في فترة راحتهم بين ساعات استذكارهم.وأنت أخي الطالب تذكر أن في الحياة ما هو أهم ثمّ مهم , ولن تكون متابعة المباريات في درجة المهم ,فعلمك وتحصيلك العلمي هما الأهمان ,وانتقالك من هذه السنة هم المهم ,وتيقن إذا كان هناك آلاف اللاعبين الذين يجرون خلف الكرة ,فهناك ملايين الطلاب في العالم يلهثون خلف مقاعد العلم لتطلعات كثيرة لديهم ,فلتكن همتك عالية ,وتذكر أن أمتك بحاجة إليك ,وبحاجة إلى أن تقوى بك ,وتقوى بها ولن يكون ذلك إلاّ بطلب العلم وفقك الله لخير الدارين.