لابد من التسليم بأن مشكلة هروب الخادمات والسائقين مازالت مستمرة بل وأنها تزداد تفاقماً مع مرور الأيام والسنوات ولعل استمرار الدافع للهروب هو المنطلق لهذا الاستمرار للمشكلة بل وازدياد تضخمها. والدافع هو المزيد من الاستفادة المادية باستغلال حاجة الناس إلى الاستعانة بالخادمات والسائقين الهاربين ..وإذا ما عَنَّ لنا أن نتساءل عن أسباب قيام شريحة كبيرة من الناس بالاستعانة من الهاربين وعدم الالتزام باستقدام العمالة بالطرق المشروعة والرسمية فاننا نجد ان ارتفاع تكاليف استقدام الخادمات و السائقين هو السبب في رأيي لإحجام عدد كبير من الناس لاتباع الطرق المشروعة في الاستقدام. لقد أصبحت رسوم استقدام خادمة تكلف (8500) ريال..الفان تدفع عند الحصول على التأشيرة وستة آلاف وخمسمائة ريال تعطى لمكتب الاستقدام ..وكذلك السائق فانه يكلف استقدامه (ستة آلاف ريال) ألفان عند استخراج التأشيرة وأربعة آلاف تعطى لمكتب الاستقدام.. وهذه الرسوم مرتفعة جداً بالنسبة لكثير من شرائح المجتمع اضافة إلى الخوف من دفع هذه التكاليف ثم قيام العمالة بالهروب بعد مجيئها!!. ولهذا أصبح كثير من الناس يفضلون الاستعانة بالهاربين من الخادمات والسائقين بدلاً من استقدام العمالة بتكاليفها المرتفعة والخوف من مصير هروبها!!. على أن سوق تشغيل العمالة الهاربة قد أصابه ارتفاع في الأجور أيضاً بعد أن تم رفع الأجور الشهرية للاستقدام الرسمي للخادمات والسائقين فقد كانت الخادمة الرسمية تتقاضى راتباً شهرياً ستمائة ريال فأصبحت نصوص العقد والاتفاقيات تتقاضى الآن ثمانمائة ريال وكان السائق المستقدم يتقاضى راتباً شهرياً ثمانمائة ريال فأصبح الآن يتقاضى ألف ريال !!. وهذا أدى بشكل تلقائي إلى رفع الأجور الشهرية للخادمات والسائقين الهاربين فقد كانت الخادمة الهاربة تعمل بأجر شهري في حدود (800) ريال أو (1000) ريال على الأكثر فأصبحت الآن الأجور الشهرية لا تقل عن (1500) ريال وكان السائق الهارب يعمل في حدود الراتب الشهري (1000) ريال أو (1200) ريال فأصبح الآن الأجر الشهري للسائق الهارب لا يقل عن (1600) ريال ومع هذا فالناس تفضل أن تدفع هذه الأجور المرتفعة للهاربين بدلاً عن دفع رسوم الاستقدام المرتفعة والبقاء تحت مقصلة الهروب المتوقعة في كل لحظة!!. فما هو الحل ؟! لقد أصبحت هذه المشكلة معقدة تماماً وهي تستنزف الناس بكل الأشكال فرسوم الاستقدام كما قلنا ارتفعت والمفروض اعادة النظر في مبلغ الألفي الريال التي تدفع عند الحصول على التأشيرة كما لابد من التدخل لتنظيم وترشيد تسعيرة الاستقدام من قبل مكاتب استقدام العمالة الأجنبية المنتشرة في كل المدن وهذه خطوة أولى ..والثانية لابد من تنشيط حركة الرقابة على الهاربين الذين أصبحوا يعملون في أمان!! وأعتقد أن مكافحة مراكز تشغيل هذه العمالة الهاربة ليس بالصعب فهي مراكز منتشرة ومشهورة ومعروفة عند معظم الناس والخطوة الثالثة فرض عقوبات عالية جداً على من تثبت استعانته بالعمالة الهاربة حتى نحد من التعداد الضخم من الذين أصبحوا يعتمدون على العمالة الهاربة. أما الحل الأمثل من وجهة نظري فهو يتمثل في الاسراع في إقرار نظام قيام مؤسسات للعمالة الأجنبية تقوم هي بالاستقدام أو تنظيم عملهم في الداخل والالتزام بتكاليف مقبولة غير مبالغ فيها حتى نشجع على الالتزام بالاستعانة بالعمالة المستقدمة رسمياً عن طريق تلك المؤسسات. ولابد من الاعتراف بأن ترك هذه المسألة بدون حلول سريعة سيؤدي إلى المزيد من تضخم سلبياتها وأضرارها والله المستعان. آخر المشوار: قال الشاعر: أيها الساهرُ مثلي في الدجي ليتنا نغفو ..فقد ننسى العذاباً