المفهوم التقليدي للأمن يخضع اليوم لتحديات خطيرة في التصدي للتحديات الناشئة حديثا في حقبة ما بعد الحرب الباردة وبالخصوص الجرائم المتصلة بالمخدرات التي فرضت ضرورة توسع النظر لمفهوم الأمن بوصفه مسألة متعددة الأبعاد. إن إنتاج المخدرات والاتجار غير المشروع بدأت تعتبر مشكلة أمنية خطيرة مع الآثار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية... فليس هناك بلد من بلدان عالمنا اليوم سلم من تسلل آفة المخدرات وعواقبها الخطيرة في مجال الصحة والتنمية والأمن... وجهود العالم كافة لم تنجح في استئصال مشكلة المخدرات القاسية والمعقدة الذي يزداد عدد ضحاياها يوماًبعد يوم. وهنا يجب التركيز على الحاجة إلى مزيد من العمل للتصدي لهذا التحدي وبالخصوص لمكافحة الاتجار بالمخدرات باعتبارها تهديدا للسلم والأمن الدوليين مثل تحسين شبكة رصد المعلومات والنشاط المشبوه وتعزيز آليات التنسيق المشترك بين الجهات المختصة وتبادل المعلومات والتعاون الدولي الفعال لمكافحة الجريمة المنظمة بالإضافة إلى حفز النمو الاقتصادي في بلدان منشأ المخدرات وبالتالي توفير فرص جديدة لهؤلاء الذين يشاركون في الدرجات الدنيا من تجارة المخدرات. وفى المملكة وضمن الانجاز الحضاري الإنسانى وضعت حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين أولوية عالية لحربها ضد المخدرات. ومجتمعنا السعودي لم يزل نظيفا أو يكاد ويعود ذلك إلى منهج المملكة القويم المستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام... فعلى الرغم من أنها لم تصل عندنا إلى حد الظاهرة المستفحلة إلا أن المملكة استشعرت مخاطر هذا الداء وأسرعت إلى وضع الاستراتيجيات الحازمة المرتكزة على منطلقات من أهمها برامج : الوقاية والتوعية والعلاج والعقاب والتي تؤثر بمجملها على خفض الطلب على المخدرات والعرض لها. ويؤكد رجل الأمن الأول صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أن : (( آفة المخدرات من أخطر ما يواجه عالمنا من مفاسد في العصر الحديث، ونحن في منطقتنا مستهدفون، فعماد الوطن هو شبابه فإذا فسد سقط الوطن وانهار. إن الإنسان قد يفسد ولكنه بمسلكه فحسب، أما صحته فتظل سليمة ويهديه الله فيستقيم ويعود بشراً سوياً، وقد يمرض الإنسان ويعالج ويشفى من مرضه، ويعود إنساناً صالحاً في مجتمعه، لكن المخدرات تفسد الجسم والعقل معاً فيصبح المدمن غير مؤهل لأن يصلح من أي جهة. أنا لا أتصور إنساناً ربى أسرة ليجد أحد أفرادها قد انحرف إلى المخدرات يستطيع أن يظل على صفائه ويعتصم بمناعة أعصابه، إنها كارثة تصيب الأسرة بكاملها، فإذا انتشر هذا الوباء في الأسرة العربية -لا قدر الله- الانتشار الكبير وفتك بشبابنا أي برجال المستقبل، سواء في حقل التعليم أو الأمن أو الجيش أوالتوجيه...إذا فسد الشباب وهو الرجاء والمعول سقط كل شيء. والعمليات الأمنية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية مؤخرا والتي أدت إلى إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات تؤكد أن بلادنا الطاهرة مستهدفة من العصابات الإجرامية في الداخل ومن قبل العصابات الدولية وكما يؤكد هذا الانجاز النجاح الهائل للأجهزة الأمنية بالمملكة في التصدي لهذا الضرر المحدق وتشن حربا ضروسا على مهربي ومروجي ومتعاطي المخدرات في سبيل حماية البلاد والعباد. وصفوة القول ، إن من المناسب إطلاق حملة “مجرد قول لا “ لمكافحة المخدرات بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ولتصبح الحملة محورا للجهود الجبارة التي تبذلها الدولة الرشيدة لحماية ووقاية المجتمع من آفة العصر وكل ما يداهم سكينة مجتمعنا وطمأنينته ومسارنا المجتمعي النظيف... وفى الوقت نفسه ندرك تماما أن خط الدفاع الأول ضد هذه الآفة هي الأسرة وذلك بتحقيق الرفاه والتماسك الاجتماعي ومراقبة الأبناء بدقة متناهية.