حين يغيب الموت أشخاصاً كانت شفاههم ترسم الابتسامة بصدق، وتقرأ أعينهم معاناة الآخرين بعمق، وتحكي مواقفهم الإنسانية أرقى معاني الرفق.. لا تملك إلا أن تقول (إنا لله وإنا إليه راجعون). رحم الله (حامد بن حسن مطاوع) ذلك الرجل الذي عمل بصمت واتقن فن الصحافة والإعلام حتى أصبح معلماً واستاذاً وشيخاً تخرج من مدرسته أجيال كان لها صولاتها الموشومة ببصمة حامد مطاوع. لا يختلف اثنان على أن فترة توهج (الندوة) الصحيفة المكية كان خلال فترة رئاسته للتحرير والتي امتدت الى ما يقرب العشرين عاماً.. كانت خلالها رائدة المقال السياسي والاجتماعي، والطرح الناضج المستنير الموثق احتلت بها صدارة الصحف السعودية انتشاراً وتوزيعاً وقراءة تتحدث عنها الأرقام والتاريخ، وما سمعته من مديح واطراء من مختلف شرائح المجتمع لم يكن عشوائياً لمسته واقعاً ملتصقاً بشخصية تحمل مبادىء وقيم سامية تحترم العمل باخلاص، وتشجع البقاء في النور بعيداً عن ظلمات الخداع. لم أحظَ بالعمل تحت اشراف استاذنا حامد مطاوع خلال رئاسته للتحرير، لكني عرفته عن قرب أثناء توليه منصب المدير العام، وكنت وقتها مديراً لمكتب سعادة الدكتور عبدالرحمن بن سعد العرابي رئيس التحرير، والمحرر المسؤول عن التواصل مع الشيخ حامد مطاوع من أجل مقالاته في (الندوة) سواءً السياسية أو الاجتماعية التي يكتبها تحت زاوية (المراقب المتنقل) ابن حسن. أذكر مواقف للمغفور له بإذن الله استاذنا حامد مطاوع تركت في أعماقي بصمة لنبل أخلاقه وفيها دلالات على شخصيته وحبه للعمل والاجادة فيه واعجابه بالاتقان الصحفي حين صدر أول عدد أسبوعي في عهد رئاسة الدكتور عبدالرحمن العرابي للتحرير حضر لمبنى التحرير والتقى رئيس التحرير بحضوري وبعض الزملاء والفرح كان بادياً على وجهه وهو يحمل العدد بين يديه قائلاً : (لا ينقصنا سوى الألوان) مباركاً المجهود الإعلامي الكبير الذي بذل لاصدار العدد وما احتواه من مواد إعلامية. كان رحمه الله على اتصال بشخصي المتواضع وهو تلك القامة الشامخة موجهاً ومستدركاً لبعض الأخطاء التي تقع فيها الصحيفة. لا أنسى تهنئته يوم أن هاتفني عقب تكليفي برئاسة التحرير قائلاً بالحرف الواحد : (معاً.. الحمل ثقيل). كان يعجب جداً بالشخص المهني الذي يتقن عمله دائماً والاشادة به، وكان دائم الوقوف مع المحتاجين لا يرد أحداً.. بل يحاول ايجاد الحلول. ان ما قيل عن حامد مطاوع رحمه الله لن يفيه حقه نسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يسكنه فسيح الجنان.