حاولت بخجل أن تغزو لهيب الشمس حتى سكبت على مروج جسدها كل عقود التراتيل المختارة والآمال داخلها متعبة ولا عبارة . وجه جاد عابس ثاقب بنظراته يحمل في إطلالته بكاء كل الصبايا عرًّش على نبضه الضجر من تراكم الألوان على قاع تقاسيمه فقد حدق بكل ما ملك من مشاعر أليفة عليه وإليه ولكن كانت مخيلتها تنتمي إلى عالم آخر يأكل فيه القوي الضعيف ربما من شدة الخوف الذي كان مرسوماً بجداره على وجنتيها المنطفئتين وعلى جدار أنفها اللوزي الذي كان يقودها وهى متكئة بانتشاء قلق على حلبة العطاء أو ما كان يسمى بذلك 0 وقفت على حافة البداية وهى تحاول أن تمسك بزمام الهواء في يديها المرتعشتين فهي كانت في تلك اللحظة التي خطت فيها على مجموعة الرقاب من جيش الفاتحين لا تمتلك إلا إرتعاشة الألوان التي كانت تغطي أطرافاً مما كانت لا تمتلك من جسدها المبعثر بين شعرٍ قد انفلت لتوه ليعبر عن ميلاد موتها وأقدام حافية مضطربة شبه نائمة تترنح بإتزان جاف على أرضية المسرح حتى وإن كانت مغطاه بوشمٍ قد يكون فريداً في طفولته البريئة . صرخت من داخلها وهى تتلعثم في خطوتها تجاه من كان يرصد تلك الخطوة والمساحيق عليها كانت صارخة بألوان ورودها التي ذابت على قارعة الطريق .كانت تريد أن تعبر عن حزنها ولكن بطريقتها الخاصة تبحث عن جداول البكاء التي غابت جدائل أنهارها في نقطة حرجة من عينيها التي كانت تقف بكل إباء مغروزة في ذلك الوجه المندهش . تُرى ما سر هذه الدهشة ؟ ألم يكن ذلك جزءاً من ترانيم الوحدة التي يجب أن تكمل مسيرتها . هل شعرت فقط حين دلفت قدميها تلك الأرضية بإنسانيتها التي غادرت إلى مراتع الذهول وسط ذلك الحشد المخيف ؟ هل ذلك فعلاً ما كانت تتمناه وتسعى إليه؟ سمو روحي تعيش بداخله تحاكيه ويحاكيها في كل ليلة من عمرها الأجدب لا تستطيع وهى في كرِّها وفرِّها أن تخلعه عن جوهر جسدها ، فالقيم المضيئة لديها كانت دوماً تنتصر على ما كانت تخبئه نحوها تلك الأعين الفاسدة المنحرفة .. هى قد لا تعرف حقيقةً بأنها قد شنقت على يديها تلك الفراشات المتدلية من بعض فساتينها التي كانت قد إرتدتها 00 وتتمنى وبصدق أن تعبر إلى ذلك العالم الراقي النظيف تتعلم من ماضيه ما يعينها على حاضرٍ زاهر وغدٍ مشرق تنسى فيه خطوتها الأخيرة أمام أولئك المعذبين والمصفدين والمحنطين الذين يرون في الظلام نوراً وفي المكر عذراً وفي الذبول سكونا !!!. أولئك الذين ينامون على أرصفة الزحام لكي يبيعوا الملح واليأس لأعراس الفصولا !!! . ومضة :- من شعر حسن عبدالله القرشي : حبيبتي حتى القمر قد عاد شوكاً وضباباً وركاماً وحجرْ أسطورة بالذكريات تأتمِرْ ويْحَ البشرْ حتى القمرْ ملاذنا الخصيبُ .. مرآةُ النهر قد ضيّعوه فانكسرْ همسة :- إلى الصديق الرائع الدكتور زهير قباني: أعتزُّ كثيراً أيها الوفي بجمال ونبل تلك المعاني.. لك حبي وودِّي واشتياقي.