من المعروف أن المرأة لها دور فعال في بناء المجتمع بفضل مساهماتها الجادة والمثمرة في شتى مجالات الحياة , فقد برهنت عمليا من خلال إنجازاتها على مدى قدرتها في الدخول إلى سوق العمل بكافة ميادينه بعد أن حققت الكثير من النجاحات في كافة الأصعدة , فليس غريبا أن نرى المرأة في مناصب عليا أو في وظائف قيادية سياسية كانت أو اقتصادية بعد أن كانت في يوم من الأيام مقتصرة على الرجال, فلم يعد هناك تشكيك في قدرة المرأة أو عدم تحملها المسئولية بعد أن أثبتت وجودها فعليا, وهناك سيدات أعمال ناجحات فرضن وجودهن على الساحة الاقتصادية وأصبح لهن بصمات كبيرة في زيادة النمو الاقتصادي للكثير من الدول بفضل مساهماتهن الجادة والمثمرة ,وعلى الرغم من كل هذه الإنجازات التي حققتها المرأة في العصر الحديث , إلا أن الضغوط الأسرية ودورها الأساسي في بناء وتكوين الأسرة وقفت عائقا في طريق بعضهن للحيلولة دون تكملة مشوارهن والوصول إلى المزيد من التقدم نحو بلوغ أهدافهن ورغباتهن, فعلى سبيل المثال نرى أن المرأة العاملة قد تجد نفسها مضطرة إلى اتخاذ قرار حاسم وسريع حينما يطلب منها زوجها التفرغ الكامل لأبنائها وأسرتها وترك العمل في لحظة كانت تعتقد أنها قادرة على السير في طريقها بنجاح , وهناك الكثير من الأمور والمشاكل الأسرية التي قد تجعل المرأة عاجزة عن تحقيق شئ من التوازن بين أسرتها وعملها , مثل : العمل الذي تقوم به وعدد الساعات التي تقضيها خارج منزلها ومن ثم النظر إلى مسألة تقبل زوجها لظروف عملها من عدمه , ولعل التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هل كان اهتمام المرأة بالعمل ودخولها إلى ميادينه المختلفة على حساب نفسها كامرأة؟ وهل غيابها لفترات طويلة عن أسرتها يؤدي إلى تقصير في واجباتها الشرعية تجاه زوجها وأبنائها؟, إذا ناقشنا هذا الموضوع الهام من الناحية الموضوعية, نرى إن غياب المرأة عن أبنائها وزوجها بسبب العمل قد يترك فراغا كبيرا للأسرة ينتج عنه مشاكل كثيرة لا حصر لها, وربما يظهر تأثير غيابها السلبي على مسيرة حياتها الأسرية ككل لتبدأ مرحلة مواجهتها مع الصعوبات والمخاطر التي قد تهدد كيانها كزوجة أو كأم وبالتالي من الممكن أن تصبح غير قادرة على التحكم في زمام أمورها الأسرية التي تخص بيتها وأبناءها , فكثيرا من الأحيان تجد المرأة نفسها في مواجهة مع زوجها لا تخلو من المناوشات والمداخلات الحامية نسبة لإصرارها على الاستمرار في العمل من ناحية وعدم قبول ورضا الزوج من ناحية أخرى, ومن هنا قد يصل الاختلاف في الرأي وتشبث الزوجة بموقفها إلى تهديد الزوج بالانفصال عنها كنوع من الضغط عليها حتى تترك العمل وقد ينفذ تهديده فعليا, إذا لمس إهمالها وغيابها عن دورها الأساسي في رعايته ورعاية أسرتها بصفة مستمرة , وأصبح وجودها في حياته وفي الأسرة مثل عدمه!, لذا نرى أن من أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى المشاكل الأسرية خاصة في الأسر العاملة,خروج الزوجة للعمل إلى جانب زوجها وفشلهما معا في الحفاظ على أسرتهم, فالزوجة منهمكة في العمل ومرهقه بدنيا وذهنيا في أغلب الأوقات, والزوج كذلك وبالتالي لا يجد أي منهما فرصة للتنفس عن نفسه أو وقتا مناسبا للتعبير عما بداخله للآخر !, ليعيش كلا منهما حياتهم في ملل وفي ضيق بسبب الروتين والإرهاق الكثيف الذي قد يجعلهم غير قادرين على التمتع بحياتهم الزوجية والعيش في سعادة مثل الآخرين .