الإسلام هو الدين القيم الذي فيه صلاح البلاد والعباد، وهو أعظم المنن التي منَّ بها الكريم الوهاب، وقد تكفل الله لمن سلكه بسعادة الدنيا والآخرة.. فيه المبادىء السامية، والأخلاق العالية والنظم العادلة.. انه الدين الذي ينبغي لنا أن نفتخر به، وأن نتشرف بالانتساب اليه، فمن لم يتشرف بهذا الدين ويفخر به ففي قلبه شك وقلة يقين. ان الشرف أن تكون من عباد الله الصالحين، وان تعمل الصالحات وتجتنب المحرمات.. وان الشرف ان تدعو لهذا الدين، وان تتبع سنة خير المرسلين صلوات ربي وسلامه عليه. ان اعتزاز المسلم بنفسه ودينه وربه هو كبرياء ايمانه، وكبرياء الايمان غير كبرياء الطغيان، هي كبرياء فيها الترفع على مغريات الارض ومزاعم الناس وأباطيل الحياة، وفيها الانخفاض الى خدمة المسلمين والتبسيط معهم، واحترام الذي يجمعه بهم قال تعالى (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر اولئك هو يبور). العزة والاباء والكرامة من أبرز الخلال التي نادى بها الاسلام، وغرسها في أنحاء المجتمع وتعهد نماءها بما شرع من عقائد وسن من تعاليم. والاسلام عندما أوصى المسلم بالعزة هداه الى اسبابها ويسر له وسائلها، وأفهمه ان الكرامة في التقوى، وان السمو في العبادة، وان العزة في طاعة الله تعالى، والمؤمن الذي يعلم ذلك ويعمل به، يجب ان يأخذ نصيبه كاملا غير منقوص في الحياة الرفيعة المجيدة. فاذا اعتدى عليه احد أو طمع فيه باغ كان انتصابه للدفاع عن نفسه عزة يطلبها دينه وعقيدته.. جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال: يا رسول الله، أرأيت ان جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال : لا تعطه مالك: أرأيت ان قاتلني؟ قال : قاتله! قال : أرأيت ان قتلني؟ قال : فأنت شهيد! قال : أرأيت ان قتلته؟ قال : هو في النار) نعم! فمن عزة المؤمن الا يكون مستباحاً لكل طامع، او غرضا لكل هاجم بل عليه ان يستميت دون نفسه وعرضه وماله واهله. هذه نماذج رائعة اذكرها لكم لكي يكون لنا فيها الاسوة والقدوة في التشرف بالاسلام، والاعتزاز به، والاعتماد على الله، والتوكل عليه، والسير على نهجه، والالتزام بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فاتقوا الله عباد الله، واعرفوا الاسلام حق المعرفة، واسلكوا طريقه تفلحوا وتسعدوا. حج هشام بن عبدالملك، فلما كان في الطواف رأى سالم بن عبدالله وهو يطوف وحذاؤه في يديه، وعليه ثياب لا تساوي ثلاثة عشر درهماً، فقال له هشام : (يا سالم، أتريد حاجة أقضيها لك؟ .. قال سالم: أما تستحي من الله، تعرض عليَّ الحوائج وأنا في بيت من لا يعوز الى غيره؟) فسكت هشام، فلما خرجا من الحرم قال له: هل تريد شيئاً؟ قال سالم : أمن حوائج الدنيا او الآخرة؟ فقال : من حوائج الدنيا فقال سالم : والله الذي لا إله الا هو ما سألت حوائج الدنيا من الذي يملكها تبارك وتعالى فكيف اسألها منك؟. انه الايمان الذي ربى القلوب على التعلق بالله والنزول في حماه والالتجاء اليه والاعتصام به.