ألقى صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم مساء أمس الأول الأحد في الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة محاضرة بعنوان : التربية والتعليم العام في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (نظرة مستقبلية) حضرها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينةالمنورة، ومعالي الدكتور محمد بن علي العقلا، مدير الجامعة الإسلامية، وعدد كبير من أصحاب الفضيلة والسعادة أعضاء هيئة التدريس ومنسوبي الجامعة، والإعلاميين والمثقفين. وقال سموه في المحاضرة التي قدمها تلبية للدعوة التي تلقاها من مدير الجامعة: إن التعليم في بلادنا المملكة العربية السعودية محور رئيس في كافة أنشطة وخطط التنمية، حيث يحوز على أعلى حصة إنفاق من الميزانية العامة للدولة.. ونتيجة لذلك نما سريعا خلال العقود الماضية، فعمّت المدارس كل قرية وهجرة وبادية، فضلا عن المدن الكبرى؛ حتى فاق عدد المدارس اليوم ثلاثين ألف مدرسة للبنين والبنات، ينتمي إليها قرابة خمسة ملايين طالب وطالبة، وما يقارب نصف مليون معلم ومعلمة.. وكان لمخرجات التعليم فيما مضى أكبر الأثر فيما نراه اليوم من مشروعات تنموية في المجالات كافة . وأكد سموه في ورقته : أن إستراتيجية التطوير التعليمية المقبلة تسير في هذا الاتجاه، للإسهام في تحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للوصول إلى (مجتمع المعرفة السعودي) بحلول عام 1444ه بإذن الله، حيث انطلقت إستراتيجية المجتمع المعرفي على مستوى الدولة عام 1428ه متضمنة عدة مبادرات، تبدأ بتأسيس كيان للمجتمع الذي نريد، ومنها نظام لاستقطاب الكفاءات العالمية والإسلامية بشكل خاص، كما حصل في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كوست) التي تعد منارة علم رسالتها للعالمين، يعم نورها أرجاء الأرض . وقال: إننا نؤمن من خلال إستراتجية التطوير التي بدأنا تنفيذها فعليا، بأن أصل العلاقة بين عالم اليوم قائمة على مبدأ واحد هو (التكافؤ) والتنافس ، وهذا المبدأ يتجاوز منح الشهادات إلى إتقان المهارات، والاستثمار في العقل البشري، بوصف الإنسان هدف التنمية ووسيلتها في الوقت نفسه، وأن من الضرورة الربط بين متطلبات التربية والتعليم ومتطلبات التنمية الاقتصادية، لتدخل المدرسة الحدود الجديدة للعلم، وتسهم في تهيئة الجيل الصاعد للاستفادة من مجالات العمل المهنية القائمة على الصناعات المعرفية التي تعتمد على كفاءة العنصر البشري، وإحسان توجيه الفكر والتمكّن من تطويره بصفته المورد الأكثر ديمومة وربحية بدلا من الاعتماد على المصادر الطبيعية وحدها، مما يساعد مستقبلا على زيادة فرص نجاح الخطط والمشروعات التطويرية للدولة التي نراها في المشروعات الاقتصادية العملاقة، وفي مقدمتها المدن الاقتصادية؛ كمدينة (المعرفة) في طيبة الطيبة، التي تُمثّل اتجاها اقتصاديا حديثا، يدعم الصناعات المعرفية مثل صناعة الاتصالات وتقنيات المعلومات وهندسة الإلكترونيات وصناعة البرمجيات وغيرها. وأبرز سموه أهم معالم التطوير المقبل، مشيرا إلى أنها تستند على ما حققه التعليم خلال مسيرته الطويلة، وتستهدف إحداث نقلة نوعية بإذن الله تنطلق من أسس تُجسّدها (المادة الثالثة عشرة من نظام الحكم) ونصها : يهدف التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء وإكسابهم المعارف والمهارات، وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعهم، محبين لوطنهم معتزين بتاريخه . مشيرا إلى أن معالم التطوير هذه بمثابة ترجمة موجزة لما تضمنه مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام الذي أقره مجلس الوزراء في محرم عام 1428ه، ضمن أربعة برامج رئيسة هي: تطوير المناهج، وإعادة تأهيل المعلمين والمعلمات، وتحسين البيئة التعليمية، والعناية بالنشاط اللاصفي.. وذلك على النحو التالي: أبرز معالم التطوير الإستراتيجية أولا اعتبار التعليم العام (ثروة الوطن الأولى) وأنه الأداة الرئيسة لتطوير جميع مناحي الحياة؛ لدعم اللحاق بالدول المتقدمة، والمساهمة في التحول إلى (مجتمع المعرفة). ثانيا إعادة هيكلة قطاع التعليم العام: من خلال منظومة تكاملية تتضح فيها الأدوار التشريعية، والتخطيطية، والرقابية، والتنظيمية، والتنفيذية.. التي تُسهم مجتمعة في تشكيل هويّة التعليم وأهميته التنموية. ثالثا تطبيق الإدارة اللامركزية: التي تمنح مزيدا من الصلاحيات للميدان، على أن تكون مصحوبة بنظام فعال لقياس مستوى الأداء، ودعم التميّز، والتخفيف من أعباء العمل الإداري البيروقراطي الذي يؤثر حتما على جودة الأداء والُمخرج . رابعا كفاءة المعلم/والمعلمة: وذلك بتخصيص نسبة كبيرة من الجهود التطويرية لصالحه (اختياره، وتدريبه، وتحفيزه، ومحاسبته، وزيادة ولائه وانتمائه للمهنة) وقد بدأت الوزارة فعليا هذا العام في تطبيق اختبارات المعايير المهنية للتربويين على الخريجين الجدد بالتعاون مع المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي. وذلك في إطار الجهود الهادفة إلى تمهين وظيفة التدريس، وإيجاد المعايير المناسبة للدخول فيها والاستمرار بها، وتتجه الجهود للإعلان عن تنظيم شامل يتم بموجبه منح (رخص للمعلمين)، ومن ثم إيجاد الحوافز اللازمة للمتميزين بناء على مؤشرات الأداء والمخرجات، وإعادة تأهيل ذوي المستويات الدنيا. خامسا الطالب المتعلم: وذلك بالعمل على تطوير أساليب التحصيل العلمي، ليتحول الطالب من متلق للمعلومة إلى مشارك وصانع لها، قادر على الحوار، والتفكير الناقد، والبحث، والتجريب.. وتوفير البيئة التعليمية المناسبة لذلك، التي تراعي ظروف العصر المعرفي الجديد ومتطلبات التنمية . سادسا المشروع الشامل للمناهج : وقد تم هذا العام تطبيق الحلقة الأولى من المشروع على الصفوف الدراسية (الأول الابتدائي والرابع الابتدائي والأول المتوسط) في جميع المدارس، ويهدف المشروع إلى تطوير مناهج المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في مواد التربية الإسلامية، واللغة العربية، والمواد الاجتماعية، واستحداث مواد ذات صبغة مهارية.. والتي من شأنها تنمية مهارات ومواهب وشخصيات الطلاب والطالبات واحتياجات كل فئة، والعناية بتعزيز ممارسة القيم الإسلامية، ورفع المستوى الصحي لهم. سابعا صناعة القائد التربوي: وأعني (مدير المدرسة) فهو الشريك الفعلي في أي نجاح، لذا فإننا جادون في تطوير أساليب اختياره وتأهيله؛ وبالتالي منحه المزيد من الثقة والدعم؛ لإدارة مدرسته بكفاءة واقتدار. ثامنا إعادة بلورة أهداف مراحل التعليم الثلاث (الابتدائية والمتوسطة والثانوية) وتفعيل مرحلة رياض الأطفال، باعتبارها مرحلة تعليمية مستقلة . تاسعا الشراكة المحلية والعالمية، والشراكة مع القطاع الخاص الذي يمنح قدرا أكبر من الاهتمام للكفاءة والتأهيل.. وزيادة مساهمة التعليم الأهلي خاصة في مرحلة رياض الأطفال . عاشرا المحافظة على مكتسبات التعليم التي تحققت حتى الآن، والمضي قدما في تنفيذ المشروعات الناجحة للوزارة، وفي مقدمتها المشروع الذي يٌعنى بأهم مُحركات النهضة الاقتصادية اليوم وأعني مشروع تطوير (الرياضيات والعلوم) حيث بدأنا هذا العام تطبيقه على الصفوف( الأول الابتدائي، والرابع الابتدائي والأول المتوسط بجميع مدارس المملكة تمهيدا لتطبيقه على جميع المراحل الدراسية خلال العامين المقبلين . الخطة الجديدة للتعليم الثانوي ومن المشروعات الناجحة للوزارة (الخطة الجديدة للتعليم الثانوي) وقال سموه : لقد بدأت الوزارة مؤخرا تطبيق الخطة على شريحة من المدارس على سبيل التجربة، وحققت نتائج مشجعة، ويجري حاليا الاستعداد لتعميم المشروع على جميع المدارس الثانوية البالغ عددها قرابة 4000 مدرسة وفق مراحل زمنية محددة، وتتبنى هذه الخطة في هيكلها الجديد جوانب عديدة من أهمها : نظام الساعات الدراسية المقننة التي يختارها الطالب بنفسه في كل فصل دراسي بمساعدة المرشد الطلابي.. ويعتمد المنهج هنا على مقررات جديدة ذات بعد تكاملي تهتم بالجوانب المهارية، والإعداد للحياة، والتهيئة لسوق العمل،وتعتني بالجوانب التطبيقية والوظيفية بما يعزز نظرة الطالب/الطالبة للكون والإنسان والحياة، وتعزيز قيم المواطنة والقيم الاجتماعية،وتقليص الهدر في الوقت والتكاليف، وذلك بتخفيف حالات الرسوب والتسرب، وتنمية القدرة على اتخاذ القرارات المتعلقة بالمستقبل، وتوفير مبدأ التعليم من أجل التمكن والإتقان باستخدام استراتيجيات تعليم وتعلّم متنوعة، تتيح للطلاب فرصة البحث,والتعلم الذاتي والابتكار والتفاعل مع الآخرين والحوار والمناقشة وقبول الرأي.