تعقيدات المشهد العراقي بل المشاهد المركبة التي افرزتها قوات التحالف في بلاد الرافدين تشكل طلسماً عصي التفكيك والفهم على مدى السنوات الخمس الماضية وان كان البعض يحلو له اختزالها في مشهدين أو ثلاثة وفق التقسيم الأمريكي المخل في تبسيطه للأمور في النظر لقوى العراق الحية عبر الثالوث (الشيعي والسني والكردي) والذي اختزل الصراع السياسي في الأوجه الثلاثة وامتداداتها الطبيعية والجغرافية بلاعبيها الكثر واقطابها المشهورين أيام المعارضة لدكتاتورية صدام حسين الذي اتقن اللعب على التناقضات العراقية وتفنن في تجريف الحياة السياسية باستخدام أدوات القمع والتنكيل بكثافة وقسوة مما كاثر من خصومه السياسيين وعجل بسقوط نظام البعث بفعل عملية الصدمة والرعب حيث وقف الشارع محايداً بين النظام المتهالك والغزاة الفاتحين وبعدها نشأت بين العراقيين قوى الممانعة للاحتلال بشكل يميل إلى استخدام الوسائل السلمية عند أهل الجنوب وآخر يميل إلى العنف في وسط العراق وغربه بينما حاولت المعارضة السابقة لصدام الاستفادة من قوات التحالف واقتسام الكعكة معها ثم وراثة السلطة من بعد رحيلها ولهذا يحتدم الصراع بين انصار العملية السياسية كلما لاحت في الأفق مرحلة الانتخابات ثم يعودون للتحالف بعدها في سبيل المحاصصة الطائفية وكسب المزيد من المغانم الاقتصادية. وبعيداً عن النهج البراجماتي تقف قوى معتبرة في العراق معارضة للعملية السياسية ومناوئة للاحتلال ويشترك في هذا النهج مزيج من السنة والشيعة والكرد والتركمان ولكن يبدو انها قوة مبعثرة تفتقر إلى التنسيق والتعاضد والتناصر تحت مظلة تضبط ايقاعها الوطني وخيارها السياسي ولعل بوادر تكوين ائتلاف (وحدة العراق) الذي يضم ستة وعشرين كياناً سياسياً وشخصيات بارزة وشيوخ عشائر واساتذة وأكاديميين يعد نقطة تحول نحو كيان سياسي عراقي موحد يرفض المحاصصة الطائفية وافرازاتها السالبة في بلاد الرافدين.