تحظى المملكة العربية السعودية بثروة غنية من الآثار الإنسانية التي لا حصر لها، وهو أمر تتبدى ملامحه في المواقع الكثيرة والمختلفة المنتشرة في أنحائها والتي تعج بالآثار، منها ما يشير إلى عصور حديثة ومنها ما يعود إلى مئات الآلاف من السنين، بل إن هناك دلائل كثيرة كشف عنها متخصصون كعالم الآثار السعودي الدكتور أحمد الزيلعي على استيطان بشري في هذه البقعة يعود إلى مليون سنة أو أكثر، إلا أن الذي تم كشفه منها حتى الآن يعد قليلاً مقارنة بمساحة وتاريخية المملكة، مرجعاً ذلك إلى “أن المملكة قطر كبير واسع والمواقع الأثرية فيه تعد بعشرات الآلاف . وتمثل هذه الآثار ثروة وطنية لا تقل أهمية عن غيرها من الثروات المادية وعلى رأسها النفط، شريطة إدراك كيفية التنقيب عنها وحسن استغلالها، وهو ما يجعل المحافظة عليها والاهتمام والعناية بها ضرورة إنسانية ووطنية، لتصبح مصدر فخر واعتزاز، وأمانة تُؤدى إلى الأجيال القادمة، خاصة مع ما تشير إليه التقارير الرسمية من أن عدد المواقع الأثرية التي تم حصرها إلى الآن فاق 4 آلاف موقع من مختلف الفترات التاريخية، فيما لا تزال أعمال المسح الأثري جارية . ولم يتوقف الأمر عند اكتشاف الآثار الشاخصة بل كشفت الجهود عن آثار تضمها المملكة تحت الأرض ومن أهم هذه الآثار قرية كاملة تسمى (الفاو) التي تبعد 700 كلم إلى الجنوب من مدينة الرياض وهذه القرية كانت عاصمة دولة (كندة) التي كانت موجودة في الجزيرة العربية قبل الإسلام، وكشفت الآثار بهذه القرية عن استطيان بشري يعود من 200 إلى 400 عام قبل الميلاد، وسكنتها شعوب لفترات مختلفة. كما كشف العلماء عن حياة كاملة في هذه القرية من حيث الأحياء السكنية وأسواقها ومستودعات ودور العبادة الخاصة بهم ومنازل لمختلف المستويات تتراوح بين البيوت الفارهة والقصور الفخمة إلى بيوت عادية للفقراء والقبور والقنوات الزراعية، وبها مختلف وجوه الحياة، وفي متحف الرياض ثروة تاريخية غير موجودة في أي مكان، تم حفظها من آثار هذه القرية مثل المجوهرات والتماثيل والأواني المتنوعة من ذهب وفضة وفخار وغيرها، وهذه الآثار التي عثر عليها كشفت عن حياة حضارية راقية جدا عاشها سكانها وهي تتكون من علاقات إنسانية مختلفة من يونانية ومصرية وغيرهما . وهناك أيضاً تيماء التي يتم العمل فيها والحفر بها للكشف عنها وكذلك في منطقة جازان مواقع أثرية، أما المنطقة الشرقية فهي غنية بالمدن الأثرية تحت الأرض وتم اكتشاف ذلك من المسوحات والمجسات الاختبارية التي أجريت في المنطقة والمجس هو شق يحفر تحت الأرض يتم من خلاله اكتشاف آثار كثيرة ومتنوعة. كما تضم المملكة عددًا من المواقع الأثرية التي تملك دلالة تاريخية مهمة على فترات زمنية في التاريخ الإنساني من أهمها منطقة الجوف ( شمال شرق المملكة ) وبها آثار دومة الجندل والتي كانت مقرًا لملوك الشعب الأدومي، وبها قصر مارد أو الأكيدر داخل الحصن الشهير وبجوار الحصن مسجد صغير ينسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وآثار سكاكا وبها قصر زعبل على قمة هضبة وقد بني منذ 120 سنة فقط وبها جبل برنس غرب قصر زعبل وعليه رسوم ونقوش تشبه النبطية وتختلط بها كتابات عربية. والعلا (شمال المملكة) وبها عدد من الأضرحة المنحوتة ونقوش معينية وثمودية ونبطية كما يوجد بها مكان محلب الناقة .