بيوت مكة العلمية العريقة توارث فيها الابناء والأحفاد العلم كابراً عن كابر وكثير من تلك الأسر عرفت بالوفاء والحب لهذا المكان المقدس البلد الأمين وتميزت تلك البيوت بأهميتها التاريخية والثقافية والاجتماعية لأنها تحمل صدى السنين وروائع الذكريات، ومن هذه النماذج المضيئة التي تعتبر نموذجاً للشباب والشابات والتي خرجت من بيوت مكة العريقة، محمد مرداد هذه الشخصية التي شدتني من خلالها مسيرتها العملية والعلمية ونشاطه الذي امتد الى التدريس بالمدارس الاهلية والحكومية ومنها الرحمانية بالمسعى والعزيزية الابتدائية بالشامية، كما شدني المكانة العلمية لهذه الشخصية التي تحترم الرأي والرأي الآخر، ولكن من ذات منطلق الشفافية والوضوح ارى بُعد هذا الجيل عن هذه السير وقراءة حياة هذه النماذج، وهذا الرجل كان يقوم بابرام عقود الأنكحة التي كان يتولاها عادة العلماء بالمسجد الحرام، ونحن حينما نكتب عن هؤلاء الرجال نريد من هذا الجيل قراءة صفات هذه الشخصيات المحببة التي كانت تحمل نفوساً هادئة مسالمة وروحاً متواضعة كلها شغف وعطف وحب ولهم من السلوك المثالي العام والخاص ما لا يمحوه الزمن، ونعرف ان هذه البيوت المكية العريقة لها كثير من الأنظمة التربوية من أهمها شغلها الشاغل ان يحفظ الابن كتاب الله الكريم وهكذا محمد مرداد منذ صباه. وعن الوظائف الشرعية التي مارسها قيامه بابرام العقود التي كان يتولاها العلماء، من أمثال الشيخ علوي المالكي والعلامة محمد أمين كتبي وكان الناس يتفاءلون ويتيمنون بعقودهم ويتحرون لها اشخاصهم املاً في دعاء صالح من أنفاس زكية نقية، وفي سيرة هذا الرجل انه مرجع في المذهب الحنفي يُشار اليه من علماء مكةالمكرمة عندما يستفتون من هذا المذهب، وحلقة درسه بين باب السلام والدريبه، يقول الدكتور عبدالوهاب ابو سليمان عن شخصية محمد مرداد كان رحمه الله شخصية محببة بين زملائه لما هو معروف عنه من نفس هادئة، ومثال للمؤمن الصادق الوفي المخلص لبلاده. فأين هذا الجيل من هذه الشخصيات وكفاحها وتواصلها مع مجتمعها وقبولها للآخر، هذه الاسئلة كثيراً ما تؤرقني وتحتل مساحة كبيرة لدي ولم أجد اجابات مقنعة لها. من الأعماق القنوات الفضائية بعضها مدعاة للنقاش الاعلامي المستفيض في واقع الاعلام المفتوح، وهذه القنوات ليست هادفة وليس لها قيمة، لأن القائمين عليها لا يدركون ان الاعلام هو انعكاس للخبر والحدث وتصفية تحليلية وواقعية وموضوعية، ولكن يعتقدون ان هذه القنوات لتصفية الحسابات او لتأجيج النعرات، وفي رأيي ان هذه القنوات مثل العروض لا تحترم فكر المشاهد وكرامته، وحري أن تتوقف مثل هذه القنوات لأنها باتجاه المنحى الضيق.