هل يستطيع امرؤ مهما بلغ من صفاء النفس ورقة الخلق أن يعيش حياته من غير أعداء يضيقون به, ويكيدون له, أظن ذلك لم يحدث ولن يحدث, وعلى وجه الخصوص مع أصحاب المواهب الكبيرة والرسالات الخطيرة, حيث يستحيل أن يخلو طريقهم من الأعداء المتربصين والخصوم الحاقدين, الذين إن وجدوا خيراً دفنوه, أو لحظوا شراً أذاعوه, وإن استطاعوا إدارة خصومتهم على غير نظام من خلق أو شرف, فعلوا غير مبالين, إذ لا هم لهم إلا إشباع نفوسهم المريضة, وإرضاء صدورهم الموغرة بالغل والحقد والكراهية لكل البشر. وإذا كان الله قد جعل لكل شيء عدوا من المجرمين, عدوا من شياطين الإنس والجن الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً. فإن هؤلاء المجرمين الذين عادوا الأنبياء من قبل, مازالوا يرصدون لكل مصلح كل مرصد لا يخلو منهم زمان ولا مكان, أعمالهم جلّها محادة لله ورسوله وخروجاً عن مبادئ الدين وآدابه, هم لا يتركون هذه الأعمال لأنهم بنوا عليها حياتهم وأقاموا عليها معاشهم, لا تطهرهم العبادة وإنما يلوثون العبادة, وكما تمر المياه العذبة بالأرض السبخة المالحة, فتخرج منها وقد فقدت عذوبتها وحلاوتها ونقاءها, تمر العبادات بهذه الطبائع الخبيثة فتتكدر حقيقتها, ولا تذهب كدراً, ويتغير جوهرها ولا تذهب غِيرْاً. أقول هذا بمناسبة الجريمة البشعة التي تعرض لها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية في السادس من شهر رمضان المبارك على يد إرهابي مجرم سعى إلى اغتياله, وإحداث فتنه كبرى في بلاد خادم الحرمين الشريفين وشق لحمة الوطن, وقتل نهضته وإعاقة تقدمه. إنها جريمة شنعاء ظن فيها المجرم سوءاً انه باغتيال الأمير يبني نفسه, فما باء منها إلا بقتل نفسه, والتصاق المعّرة باسمه, ولم يعد له من وصف عند العامة إلا الرجل الحاقد الذي أخذت غباوته بنفسه الذي لا يفهم من الأمور إلا ما يمس أنانيته ويهيّج كراهيته, الذي اضطربت أفكاره في دائرة ضيقة من ذهن أتعبه الحقد لا الفكر , وأضلته الرغبة الملحة عن معالم الخير والروية الى ظلمات الشر والقتل والغدر. إنني في هذا المقام لا املك إلا أن أقول للرجل الذي يحوط غرس الأمن والأمان في وطننا بسياج من دمائه الذي يجاهد الإرهاب والفكر الضال المنحرف على مدار ساعات يومه, حماك الله من كل سوء ووقاك من كل مكروه, وأناشدك أن تأخذ حذرك فإن أمن الوطن والمواطن أمانة في عنقك . وأخيراً حمى الله بلادنا من الفتن, وجمعنا من الصدع, وصفنا من مهاترات الأغبياء, وقيادتنا الرشيدة من كل سوء ومكروه.