إن مجتمعنا السعودي ودولتنا الكريمة حريصة كل الحرص على العلم والتعليم , والتطور العملي الملحوظ هو خير دليل على ذلك الحرص الكبير الذي توليه حكومتنا الرشيدة على كافة شرائح المجتمع حتى أصبحنا نرى ونشاهد الطبيب السعودي الحاذق والمهندس السعودي الماهر والطيار السعودي وكذلك الفني والمهني السعودي وكل ذلك ثمرة التعليم حيث يدرس الطالب المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية وبعدها يلتحق بإحدى الجامعات أو الكليات أو المعاهد الفنية والمهنية والبعض الآخر يتوجه إلى غير ذلك وتكون وجهته لخارج البلاد للاستفادة من التعليم الخارجي ومن ثم العودة وإفادة وطنه وبلاده بما تعلمه في دراسته , وقد وفرت بلادنا الابتعاث الخارجي لكل من يريد من خريجي الثانويات العامة أو من حملة البكالوريوس ويريد إكمال التعليم العالي والدراسات العليا في تخصص يفيد به مملكتنا , وذلك بشروط وضوابط محكمة بحيث إذا وجدت كافة الشروط في الطالب ولم يتعارض مع أي بند من بنود الابتعاث فإنه يحق له أن يمثل وطنه خارجياً ويعود بعد ذلك ويفيد ويعلم الأجيال التي تخلفه , إن الابتعاث مهم جداً لأي بلد كان وهو ينمي روح العلم والتعليم والحرص على طلب العلم وكما قيل (اطلب العلم من المهد الى اللحد) والابتعاث أيضاً يشجع كافة الطلاب على تحصيل النسب العالية والدرجات الكبيرة لكي يحظى بدراسة خارجية إن كانت لديه الرغبة بالدراسة خارج المملكة في تخصص نكاد نفتقده في بلادنا وبالتالي إنشاء واستحداث تخصصات أخرى تدرس فيما بعد في جامعاتنا على أيدي طلابنا الذين درسوا في الخارج وعادوا إلينا, وقد استفدنا كثيراً في السنوات الماضية من الابتعاث الخارجي وقد رجع أبناء وطننا وبأيديهم شهادات نفتخر ونعتز بها بعد أن ضحوا بأوقاتهم وجلوسهم في بلادهم مع أهاليهم وقضاء الوقت معهم من أجل وطنهم العزيز والغالي على قلوبهم فبذلوا وجدوا واجتهدوا ونالوا ما أرادوا من درجات علمية رفيعة في تخصصات نحن بأمس الحاجة إليها , والابتعاث الأهلي وهو الذي يتكفل الشخص دراسته بنفسه وليس عن طريق الدولة وهو قليل بالنسبة لمبتعثي الحكومة وقد قمنا بذلك مع ابننا الذي يكمل درجة الماجستير والدكتوراة في جمهورية مصر العربية في تخصص القانون والمحاماة بعد أن أحصناه بزوجة صالحة , والمعروف عن مصر بأنها بلد القضاء والمحاماة ونستفيد منهم في مجالهم لأن هذه هي الحكمة من الابتعاث وهذا هو المقصد منه في الأصل ولكن الابتعاث حالياً شئ يتحسر عليه من عدة أوجه , ففي الماضي كان الطالب يعود بعد أربع أو خمس سنوات ويحمل بيده شهادته العلمية التي تحصل عليها , والآن يرجع الطالب بعد سنتين أو سنة أو نصفها وقد تدهورت حالته الصحية وحمل معه أمراضاً عديدة وتكون عودته بعد فشل عام استمر معه طيلة تمثيل بلاده خارجياً , إن هذه النتائج لم تأتِ هكذا جزافاً أو اعتباطاً بل هناك عدة أمور ساعدت عليها ومنها عدم احترام الشروط والضوابط والأنظمة المتعلقة بالابتعاث وقد يكون الشخص لا أحقية له بذلك المقعد من شخص آخر تنطبق عليه جميع الشروط المستوفية لقبوله ويتفاجأ بأن يُرد هو ويُقبل ذاك, ونلاحظ في الآونة الأخيرة التوجه الكبير للابتعاث الخارجي ونشاهد ذلك جلياً وواضحاً لأن باب الابتعاث قد انفتح على مصراعيه وبصورة شرهة جداً وكأننا لا نملك جامعات لتدريس المبتعثين , وفي تصوري الشخصي وحسب ما هو معلوم لدى الجميع بأن أغلب المبتعثين يرجعون وربما لا يكونون قد تجاوزوا السنة الأولى من الدراسة في تلك البلاد وهذا يعود لأسباب لسنا الآن بصدد الحديث عنها . ومن وجهة نظري يجب أن يعاد النظر في الكم الهائل من الطلبة والطالبات المبتعثين خارجاً ويجب كذلك الحزم في هذا الأمر بحيث لا يقبل إلا من تنطبق عليه الشروط وبنسب محدده مسبقاً ولا تتدخل الواسطات فيها لكي لا يضيع عمر ذلك الشاب في السفر من غير فائدة. آمل أن يكون الابتعاث في تخصصات نادرة ولدول متخصصة وجديرة بالذهاب والغربة من أجل التعليم فيها والدراسة بها وتحترم ديننا وعقيدتنا والمسلمين عموماً وكذلك التقنين من فوضى الابتعاث بعدد محدود وتخصصات نادرة . والله من وراء القصد ,,,