معقولة.. معقولة هذا الذي نشرته الزميلة عكاظ في عددها الصادر يوم الخميس قبل الماضي عن (عقد قران طفلة على ثمانيني) حيث أشارت الزميلة في التفاصيل بأن رجلاً ثمانينياً قد تقدم لخطبة فتاة بمبلغ وصل ل (75) ألف ريال مشترطاً اصطحابها الى منزله مباشرة دون مراسم زفاف وهو ما رفضه والد الفتاة وأعاد له المهر ليتقدم الثمانيني بعد ذلك لخطبة فتاة (18 عاماً) حيث وافق والدها على الفور غير أن الفتاة نفسها رفضت هذا الزواج مما دفع والدها لاقناع شقيقتها الصغرى التي تعيش ربيعها الثاني عشر فقط!! وبعد اجراء مراسم عقد القران لجأت الطفلة إلى عمتها (شقيقة والدها) التي هبت إلى احتجاز الطفلة في منزلها ورفضت اتمام الزواج كون الطفلة قاصرة ولا تعي معنى الزواج لكن والدها (باعها) نظير المبلغ الذي دفعه الرجل الثمانيني بدليل ان الطفلة ذهبت للعب مع أقرانها بعد أن لبست ثوب الزفاف!!. وقد أكد أمين لجنة اصلاح ذات البين في محافظة الليث حيث جرت احداث هذه المأساة بأن هذا الزواج فاشل واعتبره (تجارة رقيق)!!. والمأساة برمتها ينطبق عليها القول (ولا في الأحلام) فهل معقول في هذه الحقبة الزمنية التي تشهد تطوراً هائلاً وفهماً متقدماً للحياة وأساليب المعيشة ان نسمع بمثل هذا الذي حدث؟!. ربما كان من المقبول ان نسمع بهذا قبل مائة عام من الآن أو حتى ستين عاماً غير اننا اليوم نعيش وعياً متقدماً.. وقد تجاوزنا مثل هذه الحكايات المؤسفة. ونهضنا الى تحكيم المنطق والعقل بوعي يمنحنا الفرصة الناجحة لحياة مثلى وكريمة تنأى بنا عن مثل هذه المأساة بتفاصيلها المؤلمة. ونتذكر جميعاً قبل أكثر من أربعين عاماً من الآن أن هناك أعداداً كبيرة من المتقدمين في السن كانوا يسارعون الى الاقتران بفتيات يافعات من بعض الدول العربية الشقيقة التي كانت تسمح بمثل هذه المأساة دون النظر الى الضرر الفادح الذي كان يصيب الفتيات الصغيرات وهن في مقتبل العمر اضافة الى المآسي الفادحة التي تصيب المجتمع بشتى ألوان السقوط والخراب.. غير أن الجهات المسؤولة في تلك الدول بادرت فيما بعد الى وضع ضوابط تحول دون طمر الفتيات الصغيرات.. أو الحالمات بالثراء.. كما ان الجهات المسؤولة لدينا ايضاً قامت بالضرب بيد من حديد على مثل هذه المآسي وأصبحت لا تقبل باقتران المتقدمين في السن بالفتيات اليافعات. والغريب .. والعجيب أن نعود بعد هذه السنوات الطويلة لنسمع عن هذه المآسي وهي تنطلق في بعض المدن والقرى دون رادع من ضمير.. أو حياء. ونحتاج بالتأكيد الى ردع لمثل هذه المآسي والعمل على الارتقاء للحفاظ على القوانين الطبيعية للزواج الناجح والمتوازن. آخر المشوار قال الشاعر: أتيتكَ ياربِّ عَطْشانَ حُباً لتُشْفى غليلي وتُطفى حَريقي ومَنْ لي سِواكَ يَدُلَّ فؤادي ويهدى الشريد لنور الطريق