أصبحت قضية المجاميع العالية التي حصل عليها طلاب الثانوية ، فالبعض تجاوز نسبة (100%) والبعض الآخر تراوحت مجاميعهم بين (95% و 100%) ناهيك عن الذين نجحوا بنسبة تتراوح بين (90%و 95%) مشكلة مجتمعية أمام الجامعات التي أصحبت مطالبة بايجاد أماكن لعدد كبير من هؤلاء أو لكل هؤلاء. ولمواجهة ظاهرة المجاميع العالية استخدمت الجامعات امتحانات قبول بها( القدرات، وامتحان التحصيلي) لتعقد القبول بالجامعات بعد النجاح في الثانوية من أجل الالتحاق بها، فهذه الامتحانات ومنها امتحان التحصيلي (سنة ثانية وثالثة ثانوي) هدفها تطوير امتحانات الثانوية التي باتت تقتصر على الحفظ والتلقين والدورس الخصوصية ومجاميع ومجموعات التقوية بالمدارس. وهنا أقول أخيراً تمخض الجبل فأتى بعكس ما توقعته الجامعات فقدمت ثانويات جديدة تحاصرها مركز الدروس الخصوصية وكذلك المراكز التعليمية في حصار خريجي الثانوية مباشرة بعد ظهور النتائج الثانوية وكأنك -كما يقول المثل - يا أبوزيد ما غزيت. كنت من المتابعين عن قرب لسياسات التطوير في التعليم العام والجامعي وأتساءل هل هناك أمل في تطوير حقيقي؟ وهل الامتحان التحصيلي (ثانيه ، ثالثة ثانوي) تطوير للثانوية وكشف المستور أم أنه تحد للجامعات ولا تراجع فيه؟. إن الثقة في قدرتنا على التغيير والتطوير الفعال لن يتحقق بوضع الامتحان التحصيلي للطالب عن تحصيله العلمي في (ثانيه ، ثالثة ثانوي) وهو في نظر الكثير ثانوية ثانية نجمعها مع الثانوية الأولى نفس المعايير من الدروس الخصوصية وسيطرة أباطرة المكاتب التعليمية المنتشرة. لذلك تظل قضية تطوير التعليم العام والجامعي أهم أهداف العملية التعليمية مهما تعددت الأهداف والمقاصد ، لذلك فإننا بحاجة إلى رؤية متكاملة تؤكد قدرتنا على كسب الرهان في مجال تطوير المنظومة التعليمية لتجاوز مظاهر التخلف في التعليم المرتكز على التفوق بالتلقين والحفظ والدروس الخصوصية بأنواعها. بوضوح شديد أقول إن تطوير التعليم في ظل خدمات العصر لم يعد ترفاً يمكن الاستغناء عنه ، وانما بات ضرورة لدعم استراتيجية تعليمية سليمة بعيداً عن الرد السريع لمواجهة المجاميع العالية لطلاب الثانوية بفرض (الامتحان التحصيلي) وكما يقول المثل (كأنك يا أبو زيد ما غزيت). ومهما تعددت الأفكار والرؤى فإنه بمقدورنا أن نسرع الخطى عن طريق تحديث المنظومة التعليمية من خلال بناء رؤية مستقبلية تتجاوز قضية ارتفاع مجاميع الثانوية الأولى برؤية تكتيكية لاحلال القبول (التمهيدي) محل القبول (بامتحان التحصيلي). وربما يعتقد البعض أن قانون تحديث المنظومة التعليمية قد يرتب عليه بعض المتاعب على الجامعات - مرحلياً- ولكنني اعتقد أن ذلك هو طوق النجاة الوحيد حاضراً ومستقبلاً للجامعات وذلك بالاشراف الدقيق على أداء الطلاب وخاصة اصحاب المجاميع العالية خلال فصلين دراسيين وتقييم ادائهم بصورة مستمرة وحرمانهم من الجامعة اذا تدنت معدلاتهم.