حذر إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب من النار داعياً إلى الاستمساك بالعروة الوثقى والتأهب إلى لقاء الله والحذر من عقابه. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس (لقد كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم تعاهد أصحابه بالموعظة وربط أحوالهم بالآخرة وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اشتكت النار إلى ربها فقالت يارب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو اشد ما تجدون من الحر واشد ما تجدون من الزمهرير) النار هي خلق عظيم من خلق الله وهي الدار التي أعدها الله للكافرين فهي مأوى الظالمين وسجن الكافرين وعقوبة العصاة والمخالفين وهي الخزي الأكبر والخسران المبين هي الشر الذي لا خير فيه والمورد الذي لابد منه قديمة النشأة سالفة الوجود فهي معدة ومخلوقة وقد رآها النبي صلى الله عليه وسلم). وأضاف الشيخ آل طالب يقول الحديث عن النار حديث صدق وحق فيها جبال وأودية وانهر وشعاب هي دركات ومنازل وهي سوداء مظلمة قاتمة معتمة لها صوت يسمع من بعيد تشهق وتزفر تمور مورا وترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر الحزن فيها دائم وطويل وللناس فيها صياح وضوضاء وعويل قلوب أهلها ملئت قنوطا ويأسا ولا تزيدهم الأيام فيها إلا شدة وبؤسا فيها من العذاب والآلام ما تعجز عن وصفه الألسن والأقلام وفيها من الأهوال والأحزان ما تتقاصر دون تصوره الأذهان. واوضح فضيلته أن المجرمين يدخلونها بأشد خطاب ثم توصد عليهم الأبواب(نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة) وقودها الناس والحجارة لا تنطفي نارها مع تطاول الزمان ولا يخبو أوارها مع مر الأيام كلما خبت زدناهم سعيرا وهم مع ذلك مقيدون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون وفوق ذلك يضربون ويهانون يلبسون من النار ويصهرون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون أما طعامهم فعذاب وشرابهم عذاب ليس لهم طعام إلا من ضريع أما شرابهم فالغسلين والغساق وهو عصارة أهل النار. وتساءل فضيلته هذه بعض صور العذاب فهل تساوي شهوة ساعة من الدنيا؟ إنها غمسة واحدة وينسى الإنسان كل نعيم الدنيا ولذائذها وشهواتها . وواصل إمام وخطيب المسجد الحرام يقول (وإذا طال البلاء على أهل النار وبلغ منهم العذاب كل مبلغ وكثرة حسراتهم ونداماتهم طلبوا الخروج والمتاب وهم يصرخون فيها (ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل) ويعترفون بذنوبهم ثم يطلبون من خازن النار أن يشفع عند الله ليهلكهم ويميتهم حتى يتخلصوا من العذاب (ونادوا يامالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون) انه الرفض لكل ما يطلبون ويؤتى بالموت فيذبح ويقال لأهل الجنة خلود ولا موت ويقال لأهل النار خلود ولا موت هنالك يشتد نحيب أهل النار ويعظم حزنهم ويطول بكاؤهم فيبكون حتى تنقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى يصير في وجوههم كهيئة الأخدود من البكاء). و بين الشيخ صالح آل طالب أن من كمال عدل الله أنه لا يساوي بين المطيع والعاصي والمصلح والمفسد وان الله تعالى وصف لنا عقابه فليس للعاصي على الله حجة فالكفر والنفاق سبب للخلود في النار ومن انتصب برأيه معارضا أمر الله وشرعه فليسمع قول الله عز وجل (ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم) وويل ثم ويل لتارك الصلاة حين يسأل (ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين). وأشار فضيلته إلى ان أكل الربا موجب لدخول النار واكل أموال اليتامى ظلما وأكل أموال الناس بالباطل والانتحار والكبرياء وقتل النفس التي حرم الله إلا بحق واليمين الكاذبة تغمس صاحبها في النار والركون إلى الظلمة والميل معهم والمراؤون الذين هم أول من تسعر بهم النار وشارب الخمر وقاطع الرحم والمصدق بالسحر والنمام ومن اقتطع مال أخيه بيمين فاجرة. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام ان الإيمان والعمل الصالح هو طريق الفوز والفلاح ووعد الله ووعد رسوله صدق فلن يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع وعينان لن تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله والتقوى منزلة عظيمة ولمن خاف مقام ربه جنتان والدعاء والاستعاذة بالله باب عظيم للنجاة . وقال (نحن في إقبال شهر عظيم شهر العتق من النار فمن صام يوما في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا وفي رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار ولله في كل ليلة من رمضان عتقاء من النار) . وألقى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة الشيخ حسين آل الشيخ خطبة الجمعة تحدث فيها عن شهر رمضان المبارك وما يجب على المسلمين في هذا الشهر الكريم وقال: إن على المسلم في هذا الشهر أن يكون على بصيرة بأحكام الله جل وعلا وأن يعلم حدود الله فيقف عندها بالامتثال التام والتسليم الكامل قال تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). وعدد فضيلته جملة أحكام مهمة تخص هذا الشهر الكريم ينبغي معرفتها والدراية الكاملة بها وقال (أولى هذه الأحكام أنه يستحب تعويد من ليس ببالغ على الصيام إذا كان لا يشق عليه ولا يضر به كما كان هدي الصحابة رضي الله عنهم وثاني هذه الأحكام أنه إذا شق على الكبير من رجل أو امرأة الصوم مشقة شديدة وأجهد بهما جاز لهما الإفطار مع الإطعام عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من قوت البلد ومقداره كيلاً ونصف وهكذا الحال بالنسبة للمريض الذي يشق عليه الصوم مشقة شديدة له الإفطار وعليه القضاء بعد الشفاء وكذا إذا كان الصوم يؤخر برؤه أو يزيد في المرض ، وإذا كان المريض يضره الصوم ضرراً بالغاً وجب الإفطار حينئذ على التحقيق عند العلماء ، وقد صدرت الفتوى الشرعية بأن غسيل الكلى يفسد الصوم ويفطر صاحبه ويقضي ، وإذا كان المريض لا يرجى برؤه وشفاؤه فإنه حينئذ يطعم عن كل يوم مسكيناً كالكبير تماماً). وبين أن الحامل والمرضع لهما الإفطار إذا شق عليها الصوم وخافتا على نفسيهما أو على ولديهما وعليهما القضاء فقط على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وإن أطعمتا مع القضاء إذا كان الخوف بسبب الولد فهذا أحوط خروجاً من خلاف العلماء والإطعام حينئذ يجب على من تجب عليه نفقة الولد. وأضاف فضيلته يقول (وثالث الأحكام أن الأفضل للمسافر في نهار رمضان الإفطار إذا كان سفره يبيح القصر ومن صام في سفره حينئذ فلا حرج لثبوت الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ، ولكن إذا عظمت المشقة تأكد استحباب الفطر حينئذ وكره الصوم للمسافر لقوله صلى الله عليه وسلم (ليس من البر الصيام في السفر). وأشار فضيلته إلى أن خامس الأحكام أن صوم الواجب في رمضان أو غيره يجب فيه تعيين النية من الليل أما صوم النفل فيصح بنية من النهار ما لم يأت الإنسان بما يناقض الصوم من أكل أو شرب أو جماع ، محذراً من أن تساور المسلم نية الإفطار في أثناء الصوم الواجب فإن من نصوص العلماء ومن نوى الإفطار أفطر. وأوضح الشيخ حسين آل الشيخ أن من أحكام الصيام أنه يجب صون الصيام عن كل قول أو فعل محرم لقوله صلى الله عليه وسلم (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه). وقال : إنه يسن لمن شتم في نهار رمضان قوله إني صائم ، يقول صلى الله عليه وسلم (الصيام جُنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم). ومن الأحكام أن الحائض والنفساء لا يجوز لهما الصيام ما دامتا على هذه الحال وعليهما القضاء بعدد الأيام التي أفطرتا فيهما ومتى تيقنت الحائض والنفساء بالطهر قبل الفجر وجب عليهما الصيام ولو لم تغتسل إلاّ بعد طلوع الفجر ومن أحست بأعراض الحيض ولكن لم تره خارجاً إلاّ بعد غروب الشمس فصومها صحيح حينئذ ، ومن تطهرت من نفاسها قبل الأربعين وجب عليها الصوم والصلاة ومتى عاد عليها الدم في الأربعين فالصحيح من أقوال أهل العلم أنها تعتبره نفاساً. ولفت الشيخ حسين آل الشيخ النظر إلى أن من أحكام الصيام أنه لا يجوز لمن عليه قضاء من رمضان المتقدم أن يؤخره إلى ما بعد رمضان آخر من غير عذر فإن فعل فعليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم ومن مات وعليه صوم واجب تمكن من أدائه فلم يؤده بدون عذر أُستحب لأقاربه الصوم حينئذٍ وإلاّ فعلى والده إخراج الإطعام من تركته عن كل يوم إطعام مسكين. وأشار فضيلته إلى أن مما دلت عليه الأدلة الشرعية أن أصول مفسدات الصوم الأكل والشرب والجماع وإنزال المني بشهوة بأي وسيلة والحجامة وهي إخراج الدم وما في معناها من أخذ الدم الكثير من البدن وخروج القيء عمداً أما من غلبه القيء فلا قضاء عليه. وقال (إن هذه المفسدات يشترط في كونها مفسدة أن يكون الإنسان عالماً بالحكم الشرعي عالماً بالوقت وأنه في أثناء الصيام ذاكراً لصومه مختاراً في فعل المفسد لصومه فمن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم. والحقن أي الإبر التي لا تغني عن الأكل أو الشرب وليست مغذية ولا من جنس الأكل أو الشرب لا تفُسد الصوم والاحتياط تأخيرها إلى الليل إذا أمكن ذلك أما الإبر المغذية والتي تغني عن الأكل أو الشرب فهي مفسدة للصوم. وليتجنب الصائم القطرة في الأنف لأنه منفذ وقد قال صلى الله عليه وسلم (وبالغ في الاستنشاق إلاّ أن تكون صائماً ) ، أما ما يستعمل لمرضى الربو بما يسمى عند الناس البخاخ فلا يضر الصوم ما دام الإنسان محتاجاً إليه لأنه بخار لا يصل إلى المعدة ). وأضاف فضيلته يجوز للصائم التطيب وشمه ولكن يتجنب استنشاق البخور وإيصاله إلى الجوف ، كما يجوز للصائم أن يداوي عينه أو أذنه بقطرات ونحوها ولا يفسد بذلك صومه على الصحيح من قولي أهل العلم. والجماع في نهار رمضان ممن كان عامداً ذاكراً لصومه مختاراً في ذلك فعليه الكفارة والكفارة على كلا الزوجين والحال هذه وهي عتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً مع وجوب الإمساك في هذا اليوم وقضاؤه كما ذكر ذلك أهل العلم.