لم يعد غريباً أو مستبعداً أن نقرأ أو نسمع بين الحين والآخر عن قصص النصب والاحتيال التي يتولى بطولتها البعض من الإخوة الوافدين والتي أخذت طريقها داخل المجتمع السعودي بشكل قوي نتيجة لعدة عوامل أبرزها رغبة البعض من المواطنين في الثراء السريع إضافة إلى حالة الإحباط النفسي الناتج عن انخفاض أسعار الأسهم والركود العقاري وعدم توفر الفرص الوظيفية. ومثل هذه العوامل وغيرها أدت إلى ما عرف بالتستر التجاري فيلجأ البعض من المواطنين إلى منح الثقة لبعض الإخوة المقيمين فيتركونهم يبيعون ويشترون ويفتتحون محلات تجارية ومطاعم مقابل ريالات معدودات يتقاضونها نهاية كل شهر أو كل عام. وحينما تقع الفأس في الرأس ويغادر المقيم أرض المملكة بطريقة أو بأخرى يفاجأ المواطن بأنه مدين لهذا وذاك بمبالغ مالية يجهلها وتفوق قدرته ويصعب عليه سدادها فيلجأ إلى الصراخ والنحيب مدعيا بأن هذا المقيم قد نصب عليه فتوجه سهام الاتهام نحو هذا المقيم وتحوله إلى مختلس ونصاب ومحتال . لكن لو تمعنا الحقيقة لوجدنا أن هذا المواطن هو المحتال لأنه كذب على النظام وأبرز اسمه على صدر محل تجاري أو ورشة أو صالون حلاقة وهو في الحقيقة لا يملكها لكنه سجلها باسمه مقابل مبلغ مالي يتقاضاه تحت ما يعرف بالتستر التجاري. فمن الذي نصب واحتال المواطن أم المقيم؟ . لقد سمعنا وقرأنا خلال الفترة الماضية عن قصص نصب واحتيال تعرض لها مواطنون نتيجة هروب مكفوليهم لكنها في مجملها لا تعدو كونها قصصاً محملة بمبالغ مالية بسيطة لا تتجاوز آلاف. أما اليوم فقد أصبحنا نسمع ونقرأ عن قصص بمبالغ مالية تجاوزت عشرات الملايين وأرجو ألا تصل إلى مئات الملايين لأننا وقتها سنقول إننا لسنا مغفلين فقط بل سذج لأننا منحنا ثقتنا لأناس لا يستحقونها . إننا نقول بأن الثقة المفرطة التي يحصل عليها البعض من الإخوة المقيمين وهم في الحقيقة غير مؤهلين لها ينتج عنها الكثير من السلبيات. وان كان هناك رجال أعمال حقيقيون ولديهم ارتباطات عملية تمنعهم من متابعة أعمال محلاتهم التجارية افليس حريا بهم أن يمنحوا جزءا من هذه الثقة لشبابنا السعودي الباحث عن العمل؟. إن شبابنا اليوم لم يعودوا باحثين عن مكتب ومكيف فتلك أفكار قد خلت إذ أصبحوا يبحثون عن عمل يستقرون فيه ويحصلون منه على مرتب يقيهم حاجة السؤال ويقضي على فراغهم فهلا منحناهم الفرصة؟. ولابد أن ندرك أن بناء الوطن لايقوم إلا على سواعد أبنائه وأن عمليات النصب والاحتيال التي يتحدث البعض ممن يدعون أنهم رجال الأعمال وهم في حقيقتهم مجرد متسترين ما هي سوى فقاعات صنعوها هم بأنفسهم رغبة منهم في الثراء السريع دون النظر إلى العواقب المتوقعة. وهذا يعني أنهم ليسوا ضحايا حقيقيين كما يقولون وإنما هم محتالون على النظام والوطن وثرواته ومن المنطق أن يعاقبوا لا أن نوليهم نظرة عطف وحنين. فهل من العدل والمنطق أن نقف مساندين لأناس سعوا لحرمان شبابنا السعودي من حقهم في العمل؟. وهل من العدل أن نعطف على أناس تحايلوا على الوطن وثرواته؟.