القلم خلق من مخلوقات الله أقسم به الباري سبحانه في كتابه لعلو قدره ومزيته التي يحظى بها , والعمل والثقافة ينيران الدرب ويوسعان المدارك وينشطان الذهن وإن من البيان لسحرا ومن نعم الله على الإنسان أن خلقه وعلمه البيان والتبيان وفصاحة اللسان , وقد كانت معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام العظمى هي القرأن الكريم المعجز بلفظه ومعناه المنزل بواسطة الروح الأمين ليعجز ويبهر به أهل الفصاحة والبلاغة من أولئك في العصر الجاهلي والإسلامي وإلى عصرنا الحالي وإلى أن تقوم الساعة فهو لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد , فأبهر العقول وعقد الألسن وأعجز المفوهين حيث إن هذه الأمة برعت في اللغة والأدب والشعر لدرجة أنه يصرف على الشعر والشعراء الآف الدراهم من الحلي والهدايا والمجوهرات وغيرها من الجوائز والهدايا والأعطيات وتقام المحافل والاجتماعات والملتقيات للشعر والشعراء ومن ذلك ما كان يقام في سوق عكاظ في ذلك العصر من إلقاء الشعر والمفاخرة بين القبائل وقد برز العديد منهم والبعض الآخر لا يلقي إلا قصيدة واحدة كل سنة في هذا السوق أطلق على شعرهم بالمعلقات لدقة معانيها وسلاسة عباراتها وحسن اختيار وانتقاء كلماتها , وإلى عصرنا الحديث سوق عكاظ لا يزال نشطاً وبكامل حيويته وتراثه في ظل الرعاية الكريمة التي تحفه من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وبرعاية أمير منطقة مكةالمكرمة افتتح سوق عكاظ الثالث بمقره بمدينة الطائف والشعر العربي يحظى بمنزلة خاصة لدى سموه الكريم وهو من رواده في بلادنا المباركة وقدوة في مجال الشعر كما هو معلوم أنه ذوق وفن وليس لكل من هب ودب أن يكون شاعراً وهناك مقاييس ومعايير يجب أن تطبق على الشعراء وأن يستوفوها لأن الشعراء يتبعهم الغاوون إلا الصالحون منهم والذين سخروا كلامهم للخير والفائدة والنفع والصلاح , وسوق عكاظ يحيي في نفوسنا جميعاً روح الماضي الجميل والأصالة العريقة التي تتمتع بها مملكتنا الغالية المتمثلة فيما تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل من ثقافات وفنون وتراث عتيق نفتخر به ونسعى جادين لبقائه للأجيال اللاحقة والتالية لكي يعلموا ما كان عليه أجدادنا وتحملهم للصعاب واستمتاعهم بحياتهم البسيطة وبالشعر الفصيح والأدب العربي. ولكن ... لابد لنا أن نهتم بما اهتم به سابقونا وأن نرعى لغتنا العربية والتي هي هويتنا التي نعتز بها لا أن نذهب إلى سوق عكاظ لنشاهد الأبنية القديمة والأبواب الخشبية والحيطان المتهالكة واللهو بالعرضات الشعبية فحسب بل هناك أبعاد أكبر وأسمى وأرقى فالقليل من الأمسيات الشعرية ضمن الفعاليات والبرامج الثقافية والاستعاضة عنها بالندوات التاريخية ليلعم مرتادو سوق عاكظ تاريخ بلادهم وأجدادهم وما ضيهم وكذلك تنمية دور الحرفيين وفتح المجال للمنافسة للزوار بتطبيق ما يعرض لهم من مهن بحيث يوضع مكان خاص لإقامة مثل هذه المسابقات والتي ستشهد اقبالاً كبيراً بحكم طبيعة النفس لرغبتها لمحاكاة ما كان يشغله سالفونا , وأود أن يرشد المرتادون وينبهوا ويوضح لهم وذلك بتوزيع منشورات ومطويات عن ماهية هذا السوق وما هي فكرة إنشائه والتي قد تطرقت إليها آنفاً وبأسلوب مشوق ليزيد الاقبال على السوق والتي بدورها تعكس الفوائد على الجميع من مردود مادي على المحلات والبسطات والمطاعم الشعبية وكذلك تفعيل دور الحرفيين بممارسة الحرفة من قبل الزوار لها ولا نكتفي فقط بمجرد المشاهدة العابرة وعلى استحياء ولا بد من احياء روح العمل المهني لدى الشباب من زوار سوق عكاظ لأننا لاحظنا عزوف الشباب عن العمل المهني اليدوي ليعزز بذلك سوق عكاظ المفهوم الصحيح عن العمل والشعر واللغة والتراث الأصيل في عقول الشباب وجميع قاصدي هذا الصرح العريق . والله من وراء القصد ,,,